على الصعيد الشخصي لا أعرف الشيخ «محمد السبيعي» الثري السعودي الذي رحل بهدوء قبل يومين.. إذ ليس لي علاقة بالمال ورجاله، والملايين وأهلها.. فضلا عن أنني لن امتدح رجلا بعد الموت.. إما أن يسمع ويقرأ ما أكتبه وهو حي أمامي.. أو التزم الصمت وأدعو له بالرحمة..

لكن في حالة الذكرى والتذكير أجد أن الحديث عن الأثرياء المؤثرين الذين خسر المجتمع برحيلهم، فعلٌ محمود

وذو أثر لدى غيرهم من الأحياء..

كنت أستعرض مشاركات كتبها الناس في «هاشتاق» تويتري، عن وفاة هذا المحسن الكبير.. وجدت أحد الأشخاص يقول: «عشت يتيماً 15 سنة حتى وقفت أمام أبواب مؤسسته الخيرية، فدعمني منذ عام 2013 حتى كبرت وأصبحت معلما».. ولو لم يكتب في سيرة السبيعي سوى هذه الشهادة لكفته.

عاش الفقيد «السبيعي» اليتم والفقر في طفولته.. عرف معنى أن تكون يتيما.. دار الزمن دورته المعتادة، تدفق الخير بين يديه، دخل عالم المال والاقتصاد، وأصبح رقما صعبا، حينذاك امتدت ذات اليدين بكل بياض وإنسانية وعطاء لتصل إلى كثير من الأيتام والفقراء في بلادنا.. كل هذا بهدوء.. دون دعاية إعلامية.. لذلك هم اليوم أكثر

من يفتقده ويفتقد تبرعاته وأفضاله..

ما أكثر الذين رحلوا خلال السنة الأخيرة - على اختلاف مراكزهم الاجتماعية وتباين ثرواتهم - دون أن يحمدهم أحد، أو يشكرهم أحد، أو يذكرهم أحد..

وأكثر منهم الذين سيرحلون ويغادرون هذه الدنيا قريباً، دون أن يستفيدوا من ثرواتهم، ودون أن يفيدوا غيرهم!

رحل الرجل الطيب «محمد السبيعي» رحمه الله، وترك خلفه سيرة عطرة وطيبة للغاية.. وآلاف البشر يدعون له، ويترحمون عليه.. وكما قال مدير مكتب سمو ولي العهد معالي الأستاذ «بدر العساكر»، في نعيه للسبيعي: «وفاة الشيخ محمد السبيعي? ـ رحمه الله ـ تبين لنا معنى أن ترحل وقد تركت أثرًا طيبًا خلفك»..

ويبقى ثمة سؤال: إن لم يبادر بعض الحيتان البشرية إلى خدمة مجتمعنا، أليس من حقنا مطالبة الحكومة بإرغامهم على ذلك؟!

دوما وأبدا.. اللهم لا تردنا خائبين.