السرقة ليست مالا أو مجوهرات فقط، بل هناك سرقة من نوع آخر أخطر من ذلك، ألا وهي سرقة الأفكار والدراسات الأدبية والعلمية.

وللأسف، هناك نماذج موجودة في كل مجتمع تسرق مجهود الآخرين، وإذا لم يوضع حدّ لهذه السرقات المستمرة في استغلال جهود الآخرين، والصعود على أكتافهم، فحتما ستضيع الأمانة العلمية بأيادي الجهلاء سارقي غيرهم.

إن استغلال جهود الآخرين قد يكون أحيانا نوعا من الطموح الزائف وغير المشروع بطبيعة الحال، بمعنى أن طريقة تفكير هؤلاء أنه يجب أن أصل بأي طريقة إلى أن أحقق لذاتي أي شيء، بغض النظر عن مراعاة جهود الآخرين. بمعنى أوضح، إنه نوع من السرقة المعنوية.

فقد نجد من يغتصب علما ظل صاحبه ساهرا ليالي طوالا كي يتم إنجازه، وقد تجد من يغتصب ويسلب قصصا وشعرا.

وهكذا، فالسرقة مباحة عند هؤلاء الانتهازيين والوصوليين الذين لا يتريثون قليلا ويتركون لعقولهم تتدبر الأمر قبل سرقة مجهود غيرهم، ظنا منهم أنهم بذلك سيصلون إلى ما يريدون وبأسرع الطرق، ولكن هيهات هيهات، فالجاهل سيزداد جهلا طالما أنه يسلك الطرق غير الشرعية، فالجهلاء أقصى ما بوسعهم هو سلب الجهد، والاعتلاء على حساب غيرهم. والعجيب في الأمر، أن هؤلاء حين مناقشتهم بعد تلصصهم وسلب الآخرين مجهوداتهم، يتضح وضوح الشمس أنهم جهلاء، حتى وإن كان ما سلبوه يستحق الإشادة، وهنا ينطبق عليهم بيت الشعر الذي يقول: وكم من كلام قد تضمن حكمة نال الكساد بسوق من لا يفهم، أي أنهم يتلعثمون حين السؤال ومناقشة ما نسبوه إليهم.

إن الحق لا بد له أن يعتلي الباطل، فالحفاظ على مجهود الآخرين من الموهوبين هو حفاظ للعلم والأمانة من أن يعتلي أفكارها ويتحدث باسمها ولسانها لصوص الكلمة والفكرة، فهؤلاء ارتضوا أن يتخذوا الطريق السهل كي يصلوا إلى ما يريدون، ولا يعلمون أن الطريق الذي استهلوه لم يؤد بهم إلا إلى الهاوية، فسقوطهم ليس محتملا بل مؤكد، وهم من سيسقطون أنفسهم، ذلك بجهلهم العلم الذي سلبوه من الآخرين.

إنها أزمة حقيقية، ونوع ليس بجديد من السرقة، والنتيجة النهائية التي أدت إلى ذلك أنها أحبطت فئة مميزة من أصحاب الأفكار ومبتكريها، وفي المقابل، أبرزت فئة خاوية امتهنت السطو على أفكار غيرها، فهل من رادع لهؤلاء؟!