في ظل قمة مجلس التعاون الخليجي، صرح وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري أن انسحاب دولة الإمارات ليس نهائيا ومازال محل نقاش. وجاءت لهجة هذا التصريح أقل حدة وأكثر تفاؤلا بالاتحاد النقدي الخليجي. ولعل السبب يعزى إلى الأحداث الاقتصادية التي وقعت منذ إعلان الإمارات الانسحاب من مشروع العملة الخليجية وإعلان إنشاء المجلس النقدي الأعلى. بعض هذه الأحداث لم يكن لها أثر مباشر على دول الخليج، ولكن من الضروري النظر إليها بإمعان للاستفادة منها في مسيرة تحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية.

أول هذه الأحداث كان أزمة دبي العالمية، التي تمكنت إمارة دبي من إدارتها بشكل جيد في وقت كانت السياسة النقدية شبه معطلة بسبب انخفاض سعر الفائدة الأميركي. الأمر الذي أثبت أن تخلي الدول عن التحكم في سياستها النقدية لن يكون عائقا أمام نمو اقتصادات دول الاتحاد. ثم ظهرت مشاكل الديون السيادية لدول العملة الأوروبية.

وبسبب عدم قدرة الدول على التحكم في سياساتها النقدية، كون هذه السياسة خاضعة للبنك المركزي الأوروبي، فقد وقعت كل من اليونان وأيرلندا في فخ التخلف عن السداد. هذه القلاقل لم تكن لتظهر في حال تم التنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي في مجال السياسة المالية، بمعنى آخر الإنفاق الحكومي بشكل عام.

ورغم حرية كل دولة في الطريقة التي تدير بها ميزانيتها، إلا أن وجود خلل في إحدى الدول يؤثر على الاتحاد ككل. وأخيرا كان الإعلان عن خطة التيسير الكمي الجديدة بزيادة تقارب 600 مليار دولار، والتي زعزعت الثقة في استمرار الدولار كعملة رئيسية للعالم في المستقبل.

وأرى أن انضمام الإمارات ضروري لتقوية هذا الاتحاد النقدي والعملة الخليجية، ليس لأنها تمثل ربع الناتج المحلي الخليجي فقط، بل بسبب خبرتها المالية في إدارة الميزانية الاتحادية. فحتى نتفادى عثرات اليورو وتحول العملة الخليجية إلى شكليات فقط، لابد من التنسيق بين السياسات المالية لكافة دول الاتحاد، بالإضافة إلى العمل على ميزانية خاصة به، ثم لابد من التركيز على الاستفادة من الميزات الاقتصادية النسبية لكل دولة بما يحقق الفائدة القصوى للاتحاد.

هنا يكمن دور الميزانية العامة للاتحاد النقدي الخليجي، كونها ستركز على زيادة عمق الشراكات الخليجية سواء في القطاع الخاص، أو شركات القطاع العام التي تسيطر عليها. هذه السياسة ستزيد من قوة العملة الخليجية ومن متانة البنية الاقتصادية التي تمثلها. الأمر الذي يتيح لها الانفصال بشكل تدريجي أو كامل عن الدولار. فهي ليست مدعومة باقتصاد قوي ومتسارع النمو فقط، إنما لديها أكثر من ثلث احتياطيات الطاقة العالمية.