لقد خطت بعض الجهات والدوائر الحكومية في هذا البلد المبارك خطوات متسارعة للسير نحو تطبيق التوجيهات السامية للدولة، من أجل تيسير وتسهيل الخدمات والتعاملات بينها وبين المواطن.

وفي مقدمة تلك الجهات التي طرحت خدماتها -وبفعالية عالية وبلا منافس- وزارة الداخلية وبجميع توابعها الخدمية ذات العلاقة المباشرة بالمواطن، كالجوازات والمرور والأحوال المدنية، في الوقت ذاته تجد -وللأسف الشديد- كثيرا من الوزارات والدوائر الحكومية لم تكن بالمستوى ذاته الذي لمسناه من وزارة الداخلية، وكأنها في معزل عن رؤى وتطلعات هذا الوطن وطموح أبنائه!

وكلنا يعرف أن وزارة الصحة -ومنذ أكثر من 30 عاما- أي منذ عام 1987، وبعد اكتشاف خطر الإصابة بمرض الإيدز عن طريق الدم الملوث أقرّت -وحسب التوجيهات السامية- بمنع استيراد الدم من الخارج، حفاظا على صحة وسلامة المواطن والمقيم على هذه الأرض المباركة، وفي الطرف الآخر تشجيعا وتشريعا لأبواب التطوع الخيري للتبرع بالدم من الداخل.

ولحث المواطن والمقيم للسير على نهج الخير، وتقديرا لدوره الإنساني، تمنح الدولة -أعزها الله- وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة للمتبرعين بالدم 10 مرات فأكثر.

وقامت وزارة الصحة مشكورة -وعلى مر هذه السنين- باختيار أكثر أجهزة الفحص تطورا ودقة على وحدات الدم المتبرع بها، للتأكد من خلوها من الأمراض الفيروسية، وغيرها من الأمراض التي تنتقل عن طريق الدم.

ومن نافلة القول، الفوائد المكتسبة للمتبرع بالدم، من زيادة نشاط نخاع العظم لإنتاج خلايا دم جديدة «كريات حمراء وكريات بيضاء وصفائح دموية»، وزيادة نشاط الدورة الدموية، وتقليل نسبة الحديد في الدم، لأنه يعدّ أحد أسباب الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، كما أثبتت الدراسات أن الذين يتبرعون بدمهم مرة واحدة على الأقل كل سنة، هم أقل عرضة للإصابة بأمراض الدورة الدموية وسرطان الدم، وقبل كل هذا وذاك فيه إحياء لنفس محتاجة لذلك الدم المتبرع به.

ولكن هناك عوامل مباشرة أو غير مباشرة تُنّفر من الإقبال على هذه الخطوة «التبرع» ربما تكون عن طريق الخطأ أو النسيان أو الغفلة.

على العموم، في فبراير الماضي، ذهبتُ إلى أحد المستشفيات المحلية الحكومية للتبرع بالدم، وبعد الانتهاء من عملية التبرع التي لم تتم بالشكل التام، أُعطِيت فرصة لإعادة التبرع مرة أخرى بعد أسبوعين، ولكن لانشغالي وظروفي العملية لم أعد للتبرع إلا بعد 5 أشهر، ولكنني صُدمت بخبر شل تفكيري، وارتعدت فرائصي، وعُقد لساني، بأن تحليل الدم الذي أجراه المستشفى والمتبرع به قبل 5 أشهر -نضع تحت 5 أشهر ألف خط وخط- عليه علامات تعجب واستفهام، وأني غير مؤهل للتبرع من الآن فصاعدا، ما لم أقم بعمل تحليل دم آخر. الآن!

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذا الخطب الجلل والمصاب العظيم، لماذا لم يكلف «المستشفى» نفسه بالاتصال بي وإخباري بلزوم مراجعتي له، لإعادة التحليل بمجرد خروج النتيجة، لا الانتظار 5 أشهر، قد آتي للتبرع مرة ثانية، وقد لا آتي؟

أليس في سرعة العلاج سرعة في الشفاء والعكس صحيح؟، وأليس نظام وزارة الصحة الموقرة ينص في الحالة التي يتم فيها تشخيص حالة إيجابية أو حالة غير واضحة، أولا يتم إتلاف الدم، ثانيا يوضع المتبرع على لائحة الممنوعين من التبرع، ثالثا يتم استدعاء المتبرع وأخذ عينة ثانية من الدم، رابعا يتم إبلاغ المتبرع بالنتيجة بعد ظهورها!

فلماذا اكتفى المستشفى بالعمل بالفقرة الأولى والثانية، وأغفل الثالثة والرابعة؟

أليس هذا خرقا واضحا لاتفاق قام بين اثنين «المستشفى والمتبرع»؟... أفيدونا