تربطني مع هذا المخلوق الكافر، صداقةٌ قديمٌ دمها ومتجدد، فأنا لا يهدأ لي بال، إن لم أدخل على صفحات هذا البرنامج العدوّ، لأتأمل وأسبح في ملكوت برمجياته الإنسانية التي تتوالد دون تعب أو يأس أو قنوط.

تجربة مُلاك شركة جوجل العالمية، تجربة لا تعادلها تجربة في عالم السوفتوير، ذلك أن القضية لديهم ليست مجرد معادلات برمجية معقدة، وبرامج، بل هي أشمل وأجمل وأنبل.

القضية بالنسبة لمُلاّك جوجل قضية إنسانية في المقام الثاني، بعد القضية الربحية وهذا من حقهم، وهي إنسانية بحيث إن جوجل فتحت كل برامجها للاستخدام البشري المجاني، أو ما يُعرف في علم البرمجيات، ببرامج المصادر المفتوحة، بحيث لم تجعل الناس بمختلف لغاتهم وأجناسهم وأديانهم يستخدمون منتجات الشركة بالمجان فقط، وإنما أيضاً بالمشاركة في أفكار البرامج، وخدماتها، بل وحتى في تكوينها البرمجي، إذ فتحت منتديات ومدونات رسمية، لمشاركة كل من لهم علاقة بتطوير البرامج، وتعديلها.

الجانب الإنساني الآخر لجوجل، أنها فتحت المجال الإبداعي في محركها الشهير، بتغيير رسومات وشكل محرك البحث وفقاً للمناسبات والأحداث العالمية الإنسانية، فهي تحتفي بابن سيناء والبيروني مثلما تحتفل ببرنارد شو وبيكاسو وسارتر، وهي تحتفي بعيد الأم والقدس، بل ولا تنسى أن تشارك العُمّال البسطاء، في يوم العمّال العالمي.

لقد فتحت جوجل صفحتها الرئيسية قبل فترة، وجعلت مادته الرئيسية عن الأزمة السورية الطاحنة المطحونة، بل وعنونت الموقع بجملة في غاية الإبداع والجمال هي: البحث عن سورية؟، فكأنما محرك بحثها يبحث لكن هذه المرة، ليس عن كلمة أو صورة أو فيديو كما جرت العادة، وإنما يبحث عن دولة منكوبة، هي على الخارطة، وليست على الخارطة.

شكراً صديقي الكافر جوجل.