يقول بعض المختصين إن هناك نقطة تتعارض فيها الأخبار مع اهتمامات الناس، مما يعني أن طرح المعلومات الجدي، في توقيت مناسب، قد يتعارض مع اهتمامات الناس التي تتمحور عادة حول موضوعات مسلية، أو قضايا شخصية «القيل والقال». ومن الصعب عمليا أن نفصل بين الاثنين، الأخبار المعلوماتية وأخبار القيل والقال التي تهم كثيرا من الناس، ولعل كليهما كانا عنصرين في تكوين الجريدة منذ ظهورها في القرن السابع عشر ميلادي. وهناك دراسة كلاسيكية قامت بها الكندية الشهيرة «هيلين غريغوري ماكجيل» في الأربعينات الميلادية تدعم هذا الرأي، حيث حللت فيها العلاقة بين شكلين من المحتوى «المعلوماتي والقيل والقال» وخلصت إلى أن الصحف في الولايات المتحدة الأميركية قد تحولت من سجلات تحتوي على تحليلات واقعية إلى شكل من أشكال الأدب الشعبي. ويقال إن أخبار القيل والقال، وخاصة تلك التي تتعلق بنجوم الإعلام أو غيرهم من المشاهير، لا تملك أي أهمية عميقة أو أي قيمة محسوسة.
ولكن في المقابل، هناك من يراهن على وعي الناس، ويشير إلى أن اهتماماتهم بالقيل والقال لا يتناقض بشكل جوهري مع القصص الإخبارية المعلوماتية الأخرى. ولكن السر يكمن في أسلوب الصياغة الصحفية ومدى ذكاء الصحفي وتواكبه مع أحدث التقنيات. حيث إن ميزة أخبار «القيل والقال» هي أنها تولي اهتماما لموقف القارئ، ولأشياء ترتبط به وبحياته اليومية، إضافة إلى بساطة أسلوبها وقربها منه. بل إن أخبار القيل والقال تصاغ كما لو أنها من قبل القارئ، فهي تتفهم موقفه وفي نفس الوقت توجّه له أيضا. ويمكن أن يقال إن الصحفي القادر على الكتابة عن اهتمامات الناس هو ذاك القادر على رؤية العالم من زاوية قرّائه. وهذه الميزات لا تتعارض مع الأخبار المعلوماتية سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكنها تتطلب مهارة أعمق من مجرّد الكتابة لعرض المعلومات، إلى ما يمكن وصفه بالكتابة الصحفية التعليمية الإمتاعية (وهذا ما يسمّى بتقليد «جون ريث»). ورغم وجود تحديات على هذا النوع من الصحافة مثل الربح المادي إلا أن هذا النموذج أثبت نجاحه في الإذاعة والتلفاز والسينما في دول كثيرة متقدمة لاسيما مع الدعم المادي من الحكومة، أو من خلال ضرائب الاشتراك. وبرأيي، لم يكن من الممكن امتلاك صحافة إمتاعية وفي نفس الوقت تعليمية منذ بدايات نشوء الصحافة حتى الماضي القريب، أما اليوم فبفضل التقدم الإنساني والتقني والمعرفي الذي يشهده العالم فيمكن تبّني هذا النوع من الصحافة.