أسعدتني جامعة الطائف الفتية من خلال (مركز ريادة الأعمال)، الذي يقود دفته الدكتور النشط المبدع محمد الزهراني، بأن أكون ضيفاً مشاركا في مهرجان سوق عكاظ هذا العام، وقد كانت تجربة جيدة، يحق لي أن أفخر بها وأعتز، فقد أتاحت لي أن أرى عن قرب كيف يبدع أبناء الوطن ذكوراً وإناثاً متى توفرت لهم الظروف المؤاتية للإبداع، وقد كنت شاهدا عن قرب لما تميز به هذا الحدث في عامه «الحادي عشر»، البساطة البعيدة عن الرسميات والشخصنة وتكرار الوجوه الرسمية التي كانت تحضر للسياحة وليس للمشاركة والإضافة. هذا بعض ما ميز سوق عكاظ هذا العام، كان تنظيميا بامتياز، فليس من السهل أن تدير فعاليات على هذا القدر من التنوع، وأن تعمل على راحة ضيوف بهذا العدد، توافدوا للمشاركة من داخل وخارج المملكة، إلا أن ذلك بالضبط ما نجحت فيه هيئة السياحة والتراث الوطني، بتوجيهات ربانها الفذ الأمير سلطان بن سلمان وبقية العاملين في المهرجان، بدرجة عالية جدا من الاحترافية المهنية المتوجة بالتواضع الواضح بمتابعة الفعاليات، واختيار القائمين على راحة الضيوف من أبناء الطائف، الذين هم أدرى وأعرف لنقل ما يطلبه أو ما يسأل عنه الضيوف من معلومات عن الطائف كتاريخ وجغرافيا. كما تميز بحلقات وجلسات حوارية فكرية وثقافية أتيحت الفرصة فيها للجميع لإبراز مواهبهم بصورة لم تشهد الساحة الثقافية لها مثيلا، من حيث حيويتها وتنوع القضايا التي طرحت فيها، وعمق وتباين الآراء التي تم تداولها والأفكار التي طرحت، الأمر الذي انعكس نجاحا للمهرجان بشهادة المشاركين من ضيوفه.

ما أكده لي هذا المهرجان، قناعة راسخة عندي، وهي، أن إنسان هذا الوطن لا تنقصه الكفاءة والقدرة على الإنجاز والعطاء، وأن جل ما يحتاجه هو أن يُعطى الفرصة والثقة في إمكانياته، وحينها ستتفجر طاقاته الإبداعية بشكل مذهل، وقد أكدت ندوة وورش عمل ريادة الأعمال التي تشرفت بالمشاركة فيها مع نخبة من الكفاءات السعودية المبدعة هذه القناعة بشكل أكثر وضوحا، وأعتقد أن الاستراتيجية التي اعتمدتها هيئة السياحة والتراث الوطني كانت جيدة، وتمثلت في المتابعة الجادة اللصيقة للوقائع اليومية عبر مراحل التخطيط والتنفيذ، مع إعطاء مساحة للمبادرات الإبداعية للجهات المعنية بالثقافة والتعليم والتراث، كما أحب أن أشيد بالفرق الشعبية وما قدمته من لمسات فنية إبداعية طيلة أيام المهرجان، من لوحات ثقافية فنية تراثية تزخر بها الطائف، فقد تميز المهرجان هذا العام بالإقبال الكبير من مواطني المملكة، والسبب يعود كما أرى إلى السلاسة في أسلوب التعامل مع المواطنين، الأمر الذي شجع على هذا التوافد الكبير المنقطع النظير من المواطنين.

خاتمة: تنوعنا الثقافي دليل علي حيوية المجتمع السعودي، وعلامة صحة اجتماعية وثقافية وفكرية، وتدل على أننا مجتمع يجب أن يلعب دوره المناط به، وهو جدير ومؤهل لذلك.