التنظيم السروري هو الذي بذر ورعى وكرّس الطائفية في وطننا على مدار نحو أربعة عقود مضت، فإلى قبل انطلاق ما سمي بالصحوة في بداية الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، لم يكن في وطننا من يميز بين سنّي وشيعي، أو إسماعيلي وصوفي، لكن ما سمي بالصحوة التي قامت على أكتاف التنظيم السروري، جاءت وانتشرت ونجحت في بثّ وتكريس الطائفية والكراهية، حتى أصبحت من السلوكيات اليومية المعتادة بين أبناء وبنات الوطن، وحين جاءت وسائل التواصل تجلى ذلك المد وأصبح معلنا على رؤوس الأشهاد، وهذا الواقع إن استمر فهو الخطر الأعظم بعينه على وحدتنا الوطنية!.

رموز التنظيم السروري، وهم يراقبون أفول نجم ما سمي بالصحوة، لا يريدون أن تنقطع الصلة بينهم وبين جماهيرهم، ولهذا ينتهزون أي فرصة، مثل وفاة الممثل العربي الكبير عبدالحسين عبدالرضا، ليجددوا العهد بأتباعهم عن طريق تكفيره ومحاولة إشعال نار الطائفية. والطائفية والعنصرية بكل أشكالها أكبر وأخطر أعداء الوحدة الوطنية، هذه الوحدة العظيمة التي حققها الملك عبدالعزيز، كأعظم وحدة في التاريخ الحديث، ثم عززها وكرسها أبناؤه «الملوك» من بعده، حتى اليوم.

وفي هذا السياق، تم إعداد وتقديم نظام متكامل تحت عنوان «حماية الوحدة الوطنية»، أعده الدكتور سعد مارق «مستشار أمير مكة حاليا، وعضو الشورى في دورة سابقة»، وقدمه للمجلس منذ خمس سنوات، لكنه أُجهض في لجنة الشؤون الإسلامية.

هذا النظام تمت المطالبة به منذ سنوات، وهي مطالبة مستمرة ومُلحّة حتى اليوم، والنظام الآن موجود وجاهز، ويتكون من تسع مواد فقط، مع شرح واف ومستفيض لكل مادة، ولا ينقصه شيء في نظري سوى إقراره وتطبيقه، ومثلما كان لنظام الجرائم المعلوماتية أبلغ الأثر في كبح جماح تطاول بعض الناس على الآخرين، فإن نظام حماية الوحدة الوطنية سيحفظ لوطننا وحدته ولحمته الاجتماعية!.

ولهذا، فإنني أقترح على سمو نائب خادم الحرمين أن يطلب نظام «حماية الوحدة الوطنية» الذي أشرت إليه، فهو موجود في أدراج النسيان بمجلس الشورى، وهو موجود عند من أعده وقدمه للمجلس، الدكتور مارق الذي تجرّع حسرة الرفض وصمت!، ويمكن تشكيل لجنة متخصصة في التشريع والقانون لدراسته وتطويره، إن كان يحتاج لذلك، ثم إقراره وتطبيقه، حماية لوحدتنا الوطنية العظيمة، وتكريسا للحمتنا الاجتماعية التي بدأت تتأثر بهذا المد الطائفي والفكر العنصري، ولا بد من حماية الناس من بعضهم بعضا، وإعلاء شأن الوطن والوطنية في أذهان الكل، خاصة صغار السن في مدارس التعليم العام «بنين وبنات»، وعند البنات والنساء عموما ينتشر التشدد والكراهية أكثر من الأبناء والرجال، وهنا يكون الخطر أكبر!.

إنني على ثقة، أن سمو الأمير محمد بن سلمان، خير من يتصدى لأمر جلل وخطير كهذا، فمواجهة أعداء الوطن من الخارج ميسورة، ولكن الأخطر العدو المختبئ داخل الوطن!، والكراهية أعظم عدو!.