تقوم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بفتح باب التسجيل للدراسات العليا سنويا لمن أراد مواصلة الدراسة وخدمة مجتمعه من الأطباء السعوديين، غير أنها تفاجئ المتقدمين برفض قرابة النصف منهم بحجة المفاضلة

وتباين المستويات.

وبعد أن يمضي من الوقت قرابة ستة أشهر يفتحون باب القبول مرة أخرى، علما بأن المعتاد أن القبول يفتح بابه كل عام مرة واحدة؛ فما الذي يحدث؟!

عندما نقرأ قراءة سريعة في أرقام القبول الصادرة من الهيئة السعودية، نجد آخرها في عام 2016 نص على أن الهيئة قبلت 2658 طبيباً وطبيبة من أصل 5153، أي تم رفض 49%من المتقدمين، علماً بأن سوق العمل يحتاج إلى الكادر الطبي بشدة؛ وأدل الأدلة على هذه الحاجة هو إعادة فتح

باب القبول مرة أخرى الذي أعلنت عنه الهيئة قبل أسبوع من الآن.

في القبول الأخير لعام 2016 نجد -مثلا- القبول في جراحة الأطفال كان من نصيب 8 أطباء فقط على مستوى المملكة من أصل 64 طبيبا؛ أي بنسبة 13% فقط؛ علما بأن هذا التخصص من أشد التخصصات حاجة في سوق العمل.

وفي تخصص طب وجراحة العيون كانت نسبة القبول 13% أيضا، أي 39 طبيبا فقط من أصل 304 متقدمين.

وكان القبول في تخصص جراحة الحروق وطب الجلدية أيضا 9% فقط! والمحك الأساسي في هذا ليس هو المعدل الجامعي للمتقدم كما يظن البعض؛ فالمعدل يشكل 30%‏ فقط من الدرجة؛ إنما وضعوا اختبارا يسمى SMLE يشكل وحده فقط 50% من درجة القبول، وكأنهم يختزلون دراسة سبع سنوات وما وراءها من سنوات الخبرة والعمل في 150 سؤالا، بعضها يختلف الأطباء الاستشاريون في حله.

المشكلة هي أن سوق العمل في حال عوز، فعدد الأطباء والممارسين الطبيين السعوديين في القطاعات الصحية 19500 من أصل 81500 ممارس أي 23%‏ فقط.

ومقابل الاحتياج فإن عدد طلبة كليات الطب في المملكة 16.9 ألفا فقط، ومتوسط الخريجين يصل إلى قرابة 5000 طبيب وطبيبة فقط، وعندما يتخرج هؤلاء يواجهون أمامهم عقبات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ليصبح النهائي قرابة 2600 متقدم تم قبوله!

ومن المعلوم عندما نستبعد الأطباء الوافدين نجد أنه لكل 10 آلاف نسمة هناك 6 أطباء فقط؛ أي لكل 1000 نسمة 0.6 طبيب؛ فماذا يستطيع أن يقدم «نصف طبيب» لألف نسمة؟! أما أطباء الأسنان فلا يتجاوزون 2100 طبيب سعودي؛ فحدث ولا حرج! من كل ما سبق تتجلى لنا الحاجة الشديدة للكادر الطبي، ويقابلها قلة القبول من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي نتمنى منها، أولا زيادة نسب القبول في مختلف التخصصات وإزاحة بعض الشروط الصعبة واستبدالها بشروط منطقية، ودراسة حالة القبول بشكل متقن لئلا نحتاج إلى فتح باب القبول مرتين وربما ثلاثا؛ كما أن على الجامعات هي الأخرى دورا هاما في زيادة نسب المقبولين وتيسير الشروط أيضا.

إن بقيت نسب القبول على ما هي فإننا بحاجة إلى قرابة 30 سنة لنوفر أطباء لتغطية العجز الصحي -طبعا باعتبار أن التضخم السكاني سيتجمد-، وهذا محال، وذلك صعب ولكن له حل.