كنت مشتركة في فصول تعليمية للحرف اليدوية في المملكة المتحدة. بعضها تقيمها الحكومة البريطانية للنساء كبيرات السن والمتقاعدات عن العمل، من باب جعلهن فعّالات في المجتمع وغير معزولات.

كنت الفتاه الأصغر سنا بينهن. ما لفتني منهن هو قضاؤهن 5 ساعات متواصلة دون ذكر أي موضوع بغيض

أو محزن.

وبما أني كنت ضيفة جديدة عليهن، ظننت أن كل ذلك الضحك بينهن، كان لجعلي أتأقلم معهن. لكني كنت مخطئة. كان ذلك في الحقيقة نظامهن. وذلك ذكّرني بلقاءات النساء الخمسينيات فما فوق «سادات النساء»، في مجتمعنا،

لا تخلو جلساتهن من الموت، حرب اليمن، إيران، والآن قطر، والسياسة بكل أطيافها وهمومها.

أنا لست ضد مناقشة حال الدولة، وجميل أن يدلي الجميع برأيه، لكن الغريب أن تكون هذه هي الأمور الأساسية

في لقاءاتهن مرارا وتكرارا.

يوجد في علم النفس ما يسمى «قوة الجذب»، وهو كل ما يردده لسانك، ويؤمن به قلبك، ويدور في فكرك، فهو سيحصل في واقعك بحسب قوة جذبك له.

وكما يقول الرسام بابولو بيكاسو: «كل ما تتخيله حقيقي». البعض هنا قد يرى أنها خرافات. لكن النبي كان له نصيب في هذا الموضوع: «تفاءلوا بالخير تجدوه». والقرآن الكريم أسس لهذا في الآية: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»، فبقدر حديثك بالجيد تجلبه لحياتك، وبقدر حديثك عن السيئ تجلبه أيضا لحياتك.

المشكلة الآن، إلى أي مدًى خَلْق البيئة السلبية من سادات النساء يؤثر على اليافعات والأطفال؟

ذِكْر اقتراب الساعة والحروب بكثرة لهم، ربما تجعل لديهم قناعة بأنه مهما كانت إنتاجيتك وطموحك في الحياة، الموت هو مصيرك. تلك البيئة تقتل الإبداع وتضيق النظرة وتخلق مجتمعا بعقلية واحدة خالية من التنوع الفكري والإبداعي.

موت فكر المجتمع تدريجيا كموت المدخّن السلبي من سيجارة صديقه، فإذا ضُرِب الطموح في شباب المجتمع، فسيقتل مستقبل الدولة.

عند ترؤس غازي القصيبي إدارة مؤسسة السكة الحديد، كان أول ما عمل عليه هو رفع الروح المعنوية للعمال، لأنها كانت تعمل كالمفتاح السحري لإنجاح أي مؤسسة.

فعلى الرغم من مشكلات هاويات الأعمال اليدوية، الصحية والاجتماعية، وأن المملكة المتحدة كانت تعايش صراع فصلها عن الاتحاد الأوروبي «Brexit»، الحادثة الأهم في تاريخ المملكة، إلا أن هذا كله لم يفسد عليهن نهارهن.

يا ترى، من أين لسادات نساء بريطانيا كل تلك الطاقة الإيجابية؟ هل كان للصوف تأثير عليهن فانعدمت السلبية لديهن؟ أم لإشغال أذهانهن عن الخوض في المشكلات الدولية والشخصية؟!