وأخيرا تم تنظيف جحور حي «المسورة» وغيره في بلدة العوامية، وأقول أخيرا، لأن ما قام به رجال الأمن البواسل خلال الأيام الماضية، تأخر نحو عقد من الزمان أو أكثر، فهناك قرارات صدرت منذ أكثر من عقد بإزالة الحي وتطويره، نظرا لعشوائيته وضيق طرقاته التي يصعب بل يستحيل دخول سيارات الأمن والإسعاف أو الدفاع المدني أوغيرها، وكان هذا الحي مخزنا للأسلحة المهربة والمخدرات، ومخبأ للإرهابيين والمهربين والمجرمين. وإرهاب المختبئين في تلك الجحور عانى منه أهل القطيف أنفسهم، فهناك قضايا قتل لم يعرف بعض مقترفيها حتى الآن، وهناك محاولات اغتيال عدة أبرزها محاولة اغتيال المهندس نبيه البراهيم، ثم اختطاف القاضي الجيراني، فضلا عن شهداء الأمن الذين تم اغتيالهم واحدا بعد الآخر!.
التردد في إزالة الحي وتطويره، كما هو مقرر له من جانب أمانة الدمام بحجة ممانعة بعض الأهالي والملاك، أفضى إلى إحساس الإرهابيين بالأمان في جحورهم، والانطلاق بين الحين والآخر لارتكاب جرائمهم ثم العودة إلى معقلهم الآمن في جحور المسورة وغيرها من القرى المماثلة لهذا الحي، ولهذا فإن ما قام به رجال الأمن من تنظيف، ثم الشروع في إزالة الحي مع ما سيتبع ذلك من تعويضات وتطوير، هو القرار السليم الذي تأخر سنوات طويلة، لكن أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي أبدا!.
السؤال الآن: كم «مسورة» في المملكة كلها، تحتاج قرار الإزالة والتطوير نفسه؟!
هناك أحياء عشوائية في معظم مدن المملكة، خاصة الكبرى منها، وهذه الأحياء يصعب على دوريات الأمن الدخول إليها، وبعضها يستحيل دخوله، ليس لضيق طرقاته فقط، وإنما حذرا من رصاصة لا أحد يدري من أين انطلقت، أو تجمهر هدفه إلحاق الضرر بأي مركبة ومن فيها!، والسبب هو أن هذه الأحياء أصبحت أوكارا للمخدرات والدعارة ومخالفي الأنظمة والفارين من العدالة، وغير بعيد أن يكون بعضها أوكارا للإرهابيين المطلوبين منذ سنوات، أو الخلايا التي ما زالت نائمة حتى الآن، وباختصار فهذه الأحياء العشوائية قنابل موقوتة، ينبغى الإسراع في إزالتها وتطويرها بأقصى سرعة، فالوقاية أفضل بمراحل من العلاج!.
هناك نظام للأحياء العشوائية صدر من سنوات، ومتوج بأمر ملكي، ويتضمن خيارات ثلاثة لملاك منازل هذه العشوائيات، وهي: التعويض المادي، أو التعويض بمنزل في موقع آخر، أو اعتبار ملكه «بعد تثمينه» أسهما له في الشركة التي ستطور الحي، وأعتقد أنه لا بد من الشروع في تسليم هذه الأحياء -خاصة الأكثر خطورة منها- لشركات مؤهلة تتولى الإزالة والتعويض والتطوير، تحت إشراف دقيق من إمارات وأمانات المناطق، وألا يتم التردد في هذا الأمر وقتا أطول مما تم، وذلك خشية أن نفاجأ بعوامية أخرى هنا أوهناك، فنشرع في العلاج مع أن الوقاية كانت ممكنة ومتاحة قبل أن نصبح في عنق الزجاجة!. حمى الله الوطن.