في قضية طلاب الامتياز مع وزير التعليم استوقفتني لغة معالي الوزير وإشارته إلى ديوان المظالم وطلبه أن يشكوه، في الحقيقة القرار المتعلق بمكافآتهم ليس قراره، لكنه لم يهتم بأن يخبرهم بذلك، بل دعاهم إلى التقاضي!
في الواقع هذه ثقافة لدى الوزارة، أعني دفع المستفيد للشكوى، وربما قرأتم أنها أكثر وزارة رفعت عليها قضايا ودفعت تعويضات!
مشكلة الوزارة أنها عبارة عن فريقين، الأول هم الإداريون، ومنهم القيادات وكل إداري يعمل في المباني الرئيسيّة، والثاني من يسمون العاملين في الميدان، وهم المعلمون وأساتذة الجامعات، ويدخل معهم الطلاب، والمبتعثون.
الفريق الإداري في معظمه يحظى ببيئة عمل جيدة، لكن رواتبهم أقل من الفريق الثاني الذي يحصل على بدلات، تجعل رواتبهم ضعف رواتب هؤلاء الإداريين، ولهم سلم مختلف لكنهم يخضعون في الأنظمة والتعاملات لهؤلاء الموظفين، الذين معظمهم أقل منهم تعليما ودخلا، مما يدفع إلى ظهور ثقافات غير رسمية يصعب رصدها، لكنها ملاحظة.
أقل هذه الممارسات عدم إدراك أهمية طلبك ووضع العوائق أمامك، ودعوني أمثل لذلك من تجربتي الخاصة، فعندما بدأت إجراءات رحلتي العلمية والتي يبدأ بها طالب الدكتوراة جمع بياناته، وذلك في شهر مايو الماضي،
لم يرد أحد من موظفي مركز البحوث في الوزارة على إيميلاتي، فتبرع زميل دكتور بالذهاب إليهم بنفسه للحصول على خطاب موافقة منهم كلفني بإحضاره إداري آخر في ملحقية لندن (لاحظوا ضعف التنسيق)، لكن الموظفين
قالوا للدكتور الزميل وهو يحتل منصبا جيدا في الوزارة «هذا الخطاب طلبه مديرنا وهو مبتعث ورفضنا إعطاءه
له حتى جاء بنفسه»، -لاحظوا لغة التباهي والرغبة في إظهار السلطة-!
للعلم الوزارة هي جهة الابتعاث وهي جهة الاستضافة، فكيف ترفض خطاب موافقة يتطلبه نظام رفع طلب رحلة علمية، ماذا يفعل المعلم المبتعث أو المحاضر المبتعث مع موظف يتحذلق على مكتبه ويرفض أن يعطي خطابا بسيطا كهذا وهو يردد «روحوا اشتكوا»!
النسخة الثانية من هذا الموظف موجودة في ملحقية لندن، وهي لا علاقة لها بالبحث العلمي، وكل ما تعرفه أن
هناك طلبات لا بد من توفيرها، لكن لو كنت ودودا معه ورفعت من روح تسلطه فسيسمح لك باستثناءات ويطلب تقديم تعهد للملحق، لكن حتى هذا التعهد سينظر فيه من أنت؟ فمن قسمي تم السماح لطالبين ببدء رحلتهم العلمية ورفض طلبي أنا بدعوى انتظار صدور قرار الخدمة المدنية والذي يأخذ تقريبا ثلاثة أشهر، فهل يتم إخضاعنا لمزاجية موظف؟
بعيدا عن التعامل غير العادل من ملحقية لندن، هناك سؤال عجزت عن الإجابة عنه، ماذا يفعل الطالب كل هذا الوقت وهو قد أنهى الجزء الأدبي من رسالته وينتظر جمع بياناته في السعودية، هل يتحول إلى سائح في لندن؟
لماذا يتم تكليف الوطن زيادة في مصاريف الابتعاث بزيادة مدة الابتعاث، علما بأن الخدمة المدنية سبق أن وافقت على موضوع البحث والوزارة تتابع الطالب، فلماذا قرار صغير كهذا يحتاجه الطالب، ولماذا لا تتحلى الملحقية بمرونة تسهيل عمل الطالب لينتهي بأسرع وقت؟
وهذا يكشف جانبا آخر من ضعف قدرتهم على التعرف على أهمية الوقت والمال والجهد الذي يبذل في جهة أخرى غير جهة مصلحة التعليم، ويكشف معاناتنا مع عقول لا تستطيع أن تقضي على العوائق، بل تصنعها ثم تظن أن صورها في تويتر والصحف والمدح بما لم يفعلوا كاف.