حسن الزومي



الشروط السعودية والعربية الموجهة إلى إمارة قطر ليست هي القضية الأساسية في الخلاف.. هي مجرد مظاهر لجوهر الخلاف.

إننا ندخل حقبة جديدة من ترتيبات المنطقة، ونحن على مشارف شرق أوسط جديد، تتهيأ السعودية فيه -وهي جديرة بذلك- لتكون اللاعب الأكبر وصاحبة النفوذ، والضامنة على دول المنطقة! السعودية هي المرشح الوحيد لمواجهة المشروع الإيراني عربيا وإسلاميا، والمطروح على قطر وغيرها: إما أن تكون من ضمن هذا المشروع الاستراتيجي، وإما أن تستمر في اللعب بالنار..

هذا هو جوهر الموضوع.

الوضع الحساس في المنطقة الآن لا يسمح بأي تراخٍ أو تساهل أو تجاهل للأخطار المحدقة بالمسلمين والعرب والسعودية على وجه أخص، فهي المستهدف الأول بالمشروع الصفوي الإيراني وشركائه.

السعودية الآن تقود المشروع العربي، وأي حديث هنا عن قرار مستقل أو أي مشاغبات ونتوءات تعتبر جريمة لا تغتفر ! يجب أن ندرك أن أحداث اليوم ليست نزهة أو رفاهية، وإنما هي تأسيس لحقبة جديدة في العلاقات الدولية، وسيكون لها ما بعدها.

لقد كانت أزمة الخليج الأولى في بداية تسعينات القرن الماضي -أي قبل نحو ربع قرن- أسوأ كارثة تمر بمنطقة الشرق الأوسط، وتمثل ذلك في غزو العراق للكويت، وما تلاه من تدخل غربي في المنطقة، وتغيرات اجتماعية واقتصادية ما زلنا نعاني من آثارها إلى اليوم.

في تلك الأزمة لم تجد دولة الكويت سوى المملكة العربية السعودية ملجأ حقيقيا للحماية واستعادة الدولة، إذ إن عاصفة الصحراء لم يكن لها أن توجد وتستمر لولا الدعم السعودي اللا محدود.

اليوم يتكرر مشهد الأزمة مرة أخرى، وتتكرر المخاطر، وهناك خشية كبيرة من تكرار سيناريو التدخل الأجنبي في المنطقة، وسيكون الأمر أكثر كارثية، إن لم يُواجه بحزم وحسم، وهذا هو سرّ موقف حكومة خادم الحرمين الشريفين.

تمر منطقة الخليج اليوم، ومنطقة الشرق الأوسط عموما، بمنعطف خطير جدا لا يقل خطورة عن أزمة الخليج الأولى، ورأس الحربة، والعدو الظاهر في هذا المنعطف/‏ المرحلة هو إيران، ولكن هناك أعداء آخرون متربصون من وراء ستار.

للأسف فإن المؤشرات الأولية تشير إلى رفض إمارة قطر الخضوع للشروط السعودية العربية، وأنها بصدد الالتحام مع المحور والمشروع الإيراني في المنطقة..

نرجو أن تخيب توقعاتنا، ويعود الإخوة في قطر إلى رشدهم، ويدركوا حجم الخطر المحدق بهم.

إيران تحيك خيوط المؤامرة، فالأطروحات والتوجهات القطرية تخدم التوجهات الإيرانية من حيث تشعر أو لا تشعر! وللأسف مرة أخرى فإن المشروع الإسرائيلي يتناغم كثيرا مع المشروع الإيراني كما لم يعد خافيا!

المشروع السعودي في طور التشكل، وتكتنفه المخاطر من القريب والبعيد، فهو يواجه شراسة المشروع الإيراني وأدواته، ومراوغة بعض الأنظمة وضعف مصداقية البعض ، ومخططات المشروع الإسرائيلي، ولكن أملنا في الله كبير أن تتجاوز المملكة كل هذه المخاطر، بقيادة ملك الحزم، فالسعودية اليوم هي القلعة الأخيرة أمام مطامع الغزاة! نحن أمام مشهد معقد ، ونحن أمام واقع ، وعلى الجميع أن يدرك خطورة المرحلة، وأن من يلعب بالنار سيكون أول من يُكوى بها.