في الوقت الذي تواجه قطر اتهاما إقليميا بدعمها الجماعات الإرهابية في المنطقة، نجدها توجه كل طاقتها وجهودها الإعلامية والسياسية، على المشهد اليمني بشكل يثير الارتياب. فبدلا من أن تحاول قطر دفع التهمة عن نفسها، نلاحظ أنها تحاول جاهدة تفكيك القوى الشعبية والسياسية اليمنية المناوئة للميليشيات الحوثية الانقلابية، خلال ما تبثه من تقارير وبرامج تشكك اليمنيين في دور بعض دول التحالف العربي، وتواطؤ البعض الآخر.

الأمر الذي يدفع بعض المهتمين للقول: إن إعلام قطر لا يخدم سوى قوى الانقلاب التابعة لإيران في اليمن، ومما لا شك فيه أن حكام قطر -بما يقومون به حيال اليمن- لا يهدفون سوى إلى توفير فرصة إنقاذية للميليشيات الحوثية التابعة لإيران.

وهنا، نجد أن دولة قطر تؤكد حقيقة التهم المنسوبة إليها بدعم الجماعات الإرهابية والفوضوية في اليمن وبقية دول المنطقة العربية بالوتيرة نفسها.

والحقيقة، إن بوادر مثل هذا السيناريو القطري بدأت تتبلور على السطح السياسي والرسمي في اليمن، فبعض الذين كانوا مناصرين لشرعية الرئيس هادي وحكومته، أصبحوا اليوم يتبنون خطابا انفعاليا، يتضمن مواقف عدائية فجّة لدول التحالف العربي، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية.

وللأسف الشديد، إن من يتبنون هذه المواقف الانشقاقية الإرباكية من اليمنيين، هم متأثرون بما تضخه قناة الجزيرة من أكاذيب وافتراءات وتزوير للحقائق على أرض الواقع، والتي لا تخدم سوى أهداف الأجندة الإيرانية في اليمن خصوصا، ومنطقة الخليج العربي عموما.

كما يجدر بنا هنا أن نُذكّر إخواننا في الداخل اليمني، المنبهرين بأكاذيب الإعلام القطري، أن قيادة الانقلاب الميليشاوي في شمال اليمن، ومنذ بدأت مشوارها الانقلابي، تؤكد تحالفها الإستراتيجي والأمني مع دولة قطر، وهذا يعني لكل يمني مهما كانت مبرراته ودرجة تعاطفه مع قطر، أن التحالف الوثيق بين الحوثيين وحكام الدوحة يأتي في سياق أجندة طهران الإقليمية وتحت رعايتها المباشرة.

فضلا عن أن دولة قطر، كانت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي بادرت بالوقوف إلى جانب الحوثيين علنا، ودعمتهم سياسيا وعسكريا خلال الحروب الست التي خاضتها الميليشيات الحوثية ضد الحكومة اليمنية والنظام الجمهوري، والتي كانت قبل عاصفة الحزم بسنوات.

وعَوْدا إلى مراجعة مواقفنا الشعبية في الداخل اليمني، على افتراض أنها مواقف لشباب وإعلاميين منبهرين بالسطوع الإعلامي الزائف لقناة الجزيرة، فنذكرهم بأن مواقفهم الاستعدائية للمملكة السعودية وبقية دول التحالف العربي، تلتقي مع مواقف الحركة الحوثية الانقلابية وأبواقها الإعلامية، وتصب في نهاية المطاف في قناة واحدة.

وتبين لليمنيين قبل غيرهم منذ بداية الانقلاب الحوثي الخبيث، أن العداء الحوثي المفرط للمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، كان وما زال سببه الرئيس والوحيد أن دولة آل سعود في الرياض، تشكل العائق المنيع للمشروع الإيراني في أطماعه التوسعية ليس في اليمن وحدها، ولكن في دول الجزيرة العربية والخليج عموما، منها دولة قطر.

وهنا يحضرني سؤال أتوجه به إلى كل يمني واقع تحت تأثير الزيف الإعلامي القطري، أقول لهم: هل تدركون أن قطر تنتقم من اليمنيين ودمائهم ومصالحهم؟!

وهل أنتم مهتمون فعلا بوطننا اليمني؟! أم أنكم ما زلتم غارقين في أوحال الشعارات السياسية، وعالقين في مستنقع الصراعات الأيديولوجية البعيدة كل البعد عن واقع مجتمعنا ومستقبل أجيالنا القادمة؟!

فالأولى والأجدر بنا -نحن اليمنيين- أن نفكر في رد الاعتبار لهويتنا المشوهة في نظر إخواننا العرب وبقية شعوب العالم، ولتكن بدايتنا الحقيقية من إخلاصنا لشركائنا وإخواننا في دول التحالف العربي، في مقدمتهم السعودية والإمارات وجمهورية مصر العربية، محاور العمل العربي والإسلامي في منطقة الشرق الأوسط.

فاليمن هو بلدنا وليست قطر، وحليف اليمن الإستراتيجي حاضرا ومستقبلا هي دولة وشعب المملكة العربية السعودية على مدى التاريخ، وليست قطر أيضا.

فهل أنتم مدركون؟!