فإن نجح شعار النازية الأشهر، في زمن الشاشة الواحدة والإذاعة الواحدة والصحيفة الواحدة، فلن يُكتب له النجاح في زمن الإعلام الجديد الذي يسبق ويسابق نفسه. زمن اللاشاشة واللاصحيفة واللا إذاعة!
أمس، لا أحد يمتلك وسائل إيصال المعلومة سواه. ما يقوله هو الحقيقة. لا أحد يستطيع تكذيبه. لكن اليوم غير أمس!
اكذبْ حتى يصدقّك الناس. أشهر مقولات الدجل السياسي تسيدت وسادت ثم اندثرت وبادت. لم يعد لها أثر يذكر. تحولت إلى «اكذبْ فلن يصدقّك أحد»!
قد يمكن قبولها وقبول العمل بها من الحمقى حين يخاطبون السذج. لكنها حتما مرفوضة ومردودة حينما يخاطبنا بها صاحب فضيلة، وحامل لواء دعوة، وصاحب رسالة عظيمة!
قرأت قبل يومين في إحدى الصحف القطرية الشقيقة حديثا لشخص يبدو من سيماه ومسماه الذي قدمته الصحيفة به، أنه من الرجال الصادقين مع ربهم قبل صدقهم معنا. يحثّ هذا الداعية الكريم أشقاءنا القطريين على عدم الحج هذا العام، قائلا: «إن السعوديين مشحونون ضدنا، وبالتالي فإن القطري غير مرحب به -على حد زعمه- مشيرا إلى أن العائدين من العمرة قالوا: إنهم عوملوا بصورة سيئة»!
تقول الصحيفة: «نصح فضيلته بتأجيل الحج هذا العام، لأن الأجواء ما تزال مشحونة، وأكد أن التأجيل هو الأفضل، لأن الوضع هناك خطير جدا»!
وهذا والله كذب صريح بواح. وافتراء ما مثله، ولا قبله، ولا بعده افتراء.
لن أتحدث عن الموقف الرسمي الذي تحكمه السياسة، على الرغم من أن حكومة بلادنا أعلنت بالنص منذ اليوم الأول للمقاطعة، أنها ستظل سندا للشعب القطري الشقيق، وداعمة لأمنه واستقراره، وأنها تلتزم بتوفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين الذين يعدّون امتدادا طبيعيا وأصيلا لإخوانهم في السعودية. لكن، كيف يقفز هذا الداعية على الموقف السياسي الواضح، ويستهدف الشعب السعودي الكريم الذي فتح ذراعيه لكل شعوب الأرض، وفي مقدمتهم أهله وأشقاؤه وأبناء عمومته القطريين؟! أتفهم الحملات الإعلامية المتبادلة والتراشق الحاد. لكن حينما يدخل المتديّن والداعية ميدان الرماية، ويبدأ في إطلاق أكاذيبه علينا، ويظلمنا، ويبهتنا، فلا نملك سوى القول: «كذّاب يا شيخ»!.