«وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى? كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ».

هذه الآية التي تخبر عن الأمر السماوي لإبراهيم عليه السلام، والذي جاءه بعد بناء البيت الحرام بأن يرفع صوته بالنداء الذي قيل إنه: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا بيته العتيق.

يقول العلماء: إن هذا النداء سمعه الحجر والبشر، بل حتى النطف في ظهور الرجال، وإجابته: لبيك اللهم لبيك.

في الآية السابقة كلمة جميلة تشير إلى معنى دقيق قال: يأتوك رجالا بمعنى يمشون، وقال وعلى كل ضامر قالت العرب يركبون الجمال التي ضمرت خواصرها من طول المسير إلى البيت العتيق.

هذا التعبير الجميل يخبرك أن الحجاج في معظمهم بحاجة إلى أهل البيت لخدمتهم وسقيهم، وهو ما يسمى بالرفادة والسقاية، والذي تكفلت به بيوت من ذرية إسماعيل عليه السلام، ومن قريش خاصة حتى قامت الدولة الإسلامية وكثر الحجيج، فصارت الرفادة والسقاية لها في الصرف والإنفاق، مع إعطاء هذه العوائل حقها من التشريف، فأكرمت السعودية كحكومة عوائل من أحفاد هؤلاء مثل عائلة الريس، وأبقت للشيبي سدانة الحرم، رغم أنها من يقوم فعليا بهذه الخدمة الكبيرة التي تستنفر لها كل أجهزة الدولة حتى فرق الكشافة من الشباب الصغار السعوديين والمقيمين الذين تشاهدهم في كل مكان، هم والجنود وطلاب الكليات والأطباء والممرضين وموظفي الدولة، خلايا نحل تعمل بطريقة أدهشت العالم من شدة تناسقها وعظمة تخطيط تنظيمها حتى أشادت بها المراكز البحثية في العالم، وعدّتها أعظم تنظيم لتحرك بشري في مساحة ضيقة.

وهؤلاء السعوديون لا يقدمون طعام الحاج وسقياه فقط، بل أمنه. هذه الكلمة التي جاهد السعوديون على حفظها كما جاهد غيرهم لنزعها فشاهدنا في وثائق مسجلة كيف أرسلت إيران المتفجرات في حقائب الحجاج، وكيف قامت قبل عامين بإرسال الحرس الجمهوري لحشر الحجيج وتغيير المسارات المعدة سلفا، لتنتج عنه جريمة التدافع.

وعلى الرغم من الاعترافات المسجلة طوال الأعوام الماضية، نجدهم لا يخجلون ويدعون إلى تدويل الحج الذي قوبل بسخرية العالم الإسلامي أجمع، واليوم نجد دولة كقطر يخرج في لحظة واحدة ويدخل من باب الملك فهد -رحمه الله- في الحرم عشرة أضعاف سكانها، تدعو إلى تدويل إدارة الحج، ماذا دهى هؤلاء في قطر؟ هل انتهت خطط إشعال الحرائق في العراق وسورية وليبيا وتبقى بيت الله الحرام ليشعلوه؟

إن للحرم رعاته وخدامه، ومثل هذه الدعوات تكشف المزيد عن حقيقة هؤلاء في قطر، فما أشبه دعوتهم بدعوة إيران وكيف اتفقت العبارات لتدل على اتفاق الغايات الخبيثة.

لكن هذا الاتفاق لن يزيدهم قوة بل قبحا، يتكسر أمام صلابة السعوديين وقدرتهم.