"هذولا الـ عذبوني
هذولا الـ غربلوني
على جسر المسيّب سيبوني"
ـ اليوم لبغداد ـ التي لم نستنشق هواءها النقي منذ رحيل الرئيس صدام حسين ـ طعم نتذوقه في حنجرة ناظم الغزالي.. كانت مواويله تتسلل داخل قلوب المحبين دون استئذان.. تنقلنا إلى بغداد وشوارعها وحواريها ومطاعمها ومقاهيها!
عاش ناظم الغزالي في الرصافة حياة بؤس.. مات أبوه.. فبقي في حضن أمه وقد كانت مكفوفة البصر فقيرة.. لم تعش طويلا.. حيث رحلت هي الأخرى ليكمل طفولته يتيم الأبوين!
ـ الإبداع كما يُشاع يخرج من رحم المعاناة والقهر ـ بدأ ناظم الغزالي حياته الفنية ممثلا.. غير أن نقطة التحول في حياته كانت خلال أدائه لأغنية عابرة في مسرحية "مجنون ليلى" .. كان أداؤه للأغنية دون مؤثرات موسيقية.. تساءل الناس عن هذا الممثل المغمور؟!
أدرك حينها أنه أخطأ الطريق.. لا بد له من تعديل مساره نحو الغناء.. وكان له.. النجاح!
تربع ناظم الغزالي خلال القرن الماضي على عرش الأغنية العراقية.. غنى لأشهر الشعراء فعبرت أغانيه الحدود.. سافر نحو فلسطين حيث غنى للجيوش العربية.. تغنى وغنى: "طالعة من بيت أبوها.. و" فوق إلنا.. خل .. فوق".. كان يتميز بصفاء صوته.. ولديه قدرات غير طبيعية على أداء الموال.. ويا للمفارقة: كان الغزالي مطرب العراق الأول.. وكانت زوجته ـ سليمة مراد باشا ـ مطربة العراق الأولى!
بقيت سبعة أيام من أكتوبر عام 1963 حينما قطعت إذاعة بغداد بثها.. وأعلنت الخبر: "رحل صباح اليوم الفنان العراقي الكبير ناظم الغزالي"!