شاهدت مقطع فيديو سرني وأمتعني، فيه ملمس وطني يندر أن تتابع مثله خلال رحلة عمر الإنسان، ذلك المشهد هو مشاركة المسؤول في أعلى سلطة، فإن تتابع أمير منطقة يحمل كيس نفايات بين أشجار الغابات ليقود أبناء الوطن إلى حملة المحافظة على ممتلكات الدولة وحدائقها، هو مشهد يوحي بأن المسؤول قد يصنع المجتمع معه في أي اتجاه، وهذا لاحظته في أكثر من موقع في هذا الوطن المترامي الأطراف، لكنني سأذكر ثلاثة أمثلة على اللحمة الوطنية والتفاعل الإيجابي بين القيادة والمواطن، وهو ما صنع منا مجتمعا متكاتفا، أول هذه المشاهد أن نائب أمير منطقة عسير خرج في أمسية ليقود حملة نظافة المتنزهات الوطنية في السودة بمنطقة عسير في أعالي الجبال التي يرتادها المصطافون، فكان منظراً غير مألوف أن ترى هذا الأمير ومعه بعض مسؤولي قطاعات الدولة، ليبدأ هذه الحملة لنظافة أجواء المناظر الجميلة التي أحياناً يتركها بعض الزوار فتكون عبئاً على عمال النظافة وكل مصطاف آخر يريد أن يستمتع بهذه الأجواء، فجاء نائب الأمير ليقول إن كل مواطن عليه مسؤولية المحافظة على ممتلكاته، ومنها المتنزهات والملاعب والاستراحات في كل ركن من أركان الوطن الذي بذلت فيه ملايين الريالات، ليقضي المواطن أمتع الأوقات مع أسرته وأصدقائه، ثم يشاهد مع الأسف تعامل بعض المواطنين مع البيئة وإيذائها بدون حياء أو وطنية، أما المشهد الثاني فهو لأمير منطقة المدينة المنورة عندما يفتتح أعمالاً تطوعية تنفذها المنطقة، تجد أميرها من أول المبادرين لمبُاركة أي عمل تطوعي ليكون بين المواطنيين مدللاً على الألفة والتعامل مع مشاريع الوطن الهادفة إلى نجاح المواطنة، وقد كان منحه لجائزة التطوع في جامعة طيبه لكافة المشاركين من الطلبة والطالبات مثالاً يحتذى لاهتمام المسؤول في الأعمال التطوعية والإشراف عليها بنفسه، وهذا ديدن أمراء المناطق ونوابهم، ومن ولي من أمر هذا الوطن ولديه إحساس بالمسؤولية والأمانة التي أناطها به ولي الأمر، أما الوقفة الثالثة من المشاركات الميدانية والتي يدلل فيها أمراء المناطق على نزولهم إلى أرض الواقع، هو مشاركة أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل ليشارك الأهالي أفراحهم هذه الأيام بزيارة مدينة التمور، ليقف بنفسه على محصول عام كامل من جهد المزارعين ليقطفوا ثمرة العام، فنجده على مدار يوم كامل يتنقل من مكان إلى آخر مشاركة لهم في مراقبة الأسواق والاهتمام بهذه الصناعة الغذائية الموسمية، والتي تعتبر أحد صادرات المملكة الغذائية، وأنشأ سموه جمعية تعني بملاك المزارع والمنتجين، وهذا يدل أيضاً على المشاركة في ميدان التنمية.
لقد ذكرت ثلاثة نماذج، والصور الأخرى بلا شك متكررة في بعض مناطق المملكة، لكنني ركزت على وقوف المسؤولين بأنفسهم على رحلة التنمية ودور المواطن في المحافظة عليها والاستمرار في نجاح تنمية المناطق التي يقودها الأمراء ونوابهم، والنزول إلى الميدان تأكيداً لرابطة اللحمة واندماج القيادة مع مواطنيها في أروع أمثلة تُحكى للأجيال، ولمن حولنا من الدول، إذ التنمية تقاد برجالاتها المخلصين من أبناء الوطن، وهذا سر الشعبية التي يكتسبها المسؤول عندما يصر على الوقوف بنفسه على مشاريع ونجاحات منطقته وأنشطة الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص معاً لبناء وحدة وطنية وإنتاج متحقق بإذن الله.