عندما نطلق الأحكام على الآخرين، غالبا تكون عاطفتنا حاضرة ومؤثرة.
نحن نركز على الأشخاص أكثر من المواقف نفسها، ولذلك تختلف ردة فعلنا في موقف واحد حصل مع شخصين اثنين، شخص نحبه وآخر لا نحبه، نلتمس العذر للأول ونبالغ في الغضب مع الثاني. لاحظ أنهما قاما بالفعل نفسه والموقف نفسه، ورغم ذلك اختلفت ردة فعلنا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. هل هذا يعني أن كل أحكامنا تسيطر عليها العاطفة؟
ربما لا، ولكن من الصعب جدا التجرد من عواطفنا في إطلاق أحكامنا على الآخرين. المشكلة ليست هنا، ولكن في تبعات ما نعتقد أنه إنصاف أو عدم إنصاف.
هل أحكم بتجرد بعيدا عن عاطفتي حتى يكون الحكم منصفا؟ أم أعدّ العاطفة جزءا من الإنصاف يجب أن يؤخذ في الحسبان لأطلق حكمي؟
السؤال بصيغة أخرى: هل يجب علينا تحييد العاطفة في إطلاق الأحكام على الآخرين؟ للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نسأل سؤالا آخر: هل يستطيع الإنسان أن يعيش بلا عاطفة في حياته؟ طبعا لا، إذن العاطفة شعور غريزي خُلق مع الإنسان، وتحييدها ليس منطقيا حتى لو بدا لنا أنه إنصاف وأقرب للحق.
قد يعتقد بعضنا أن القضاة -مثلا- يحيّدون العاطفة في أحكامهم، ولكن الحقيقة أنهم يحاولون تحجيمها وليس تحييدها.
الإنسان عاطفي بطبعه، حتى وإن عُرف عنه الشر والغلظة، فإنه يبقى عاطفيا بطريقة أو أخرى، ولذلك لا تندم إذا أثّرت عاطفتك على بعض أحكامك، فأنت إنسان قبل كل شيء، والعاطفة جزء أصيل من إنسانيتك. بحثك عن الكمال والمثالية باسم الحق والعدل يجب ألا يجردك من أبرز سماتك «عاطفتك».