الصوت الأول: يخطئ تماماً من يظن أن بضعة ملايين وافد مقيم سيدفعون الرسوم الجديدة من رواتبهم أو من دخولهم الشهرية أو السنوية. ويخطئ أكثر من يظن أن بضعة ملايين كفيل سيدفعونها بالنيابة. كل هؤلاء سيحملون هذه الفواتير الإضافية على كواهلنا نحن، ونحن من سيدفع كمستهلكين هذه الفاتورة. هذه هي أحكام السوق التي نعرفها منذ أربعين سنة بعيد كل قرار يستهدف رسوم هذه الشريحة. الكارثة التي تصاحب كل قرار من هذا النوع تكمن في الاستغلال والجشع وفي الابتزازالذي يصاحب تباشير كل قرار، وخصوصاً أننا مهيؤون تماماً لقبول تبريراتهم لكل زيادة في قيمة أي خدمة. فني التكييف الذي كان يباشر إصلاح أجهزتي الخاصة بمئة ريال لكل وحدة بات يطلب ثلاثمائة ريال وثلاثة أضعاف ما كان سابقاً، ثم يبرر سعره الجديد علناً ونحن في الهواء الطلق ومن فوق سطح المنزل. والحقيقة الواضحة أنه قبض مني رسوم شهر كامل في ظرف أقل من ساعتين وسيقبض رسوم سنة كاملة من فوق بضعة أسطح في أقل من بضعة أيام، ولكم قياس بقية الخدمات التي نذهب لأجلها إلى هذه العمالة في تفاصيل حياتنا المختلفة.

الصوت الثاني: تقول «الأيام» إن الفارق الزمني ما بين استلام راتبين سيمتد إلى اثنين وأربعين يوماً هذه المرة. يقول لي أحدهم: هل هي المسافة الفعلية ما بين برجين فأجبت: بل هو أطول شهر في تاريخ مئات آلاف الأسر. أنا لا أعرف من النجوم والكواكب سوى الثريا وسهيل عطفاً على ما قرأت فيهما من الشعر. لكن الصدفة البحتة التي قرأتها عبر علم الفلك أن المسافة ما بين الاثنين تصل إلى اثنين وأربعين سنة ضوئية. ومرة أخرى، لا أعلم إن كان سهيل وأخته الثريا من الكواكب أو الأبراج: كل ما أعرفه جيداً أن الموظف البسيط الذي يقتات على «المعاش» قد ضاع في المسافة الضوئية ما بين برجين. وكل ما أتذكره أن العزيز الغالي، الدكتور محمد القنيبط، قد ذكر لي ذات زمن بعيد أن 70% من الموظفين لا يصل بهم راتبهم إلى اليوم العشرين من الشهر. هذه المعلومة المهمة كانت على أيام المرحوم «القمر» الذي كنا نستلم رواتبنا معه حتى قبل أن تقترب من دورة «المحاق». كنا نتغزل في القمر ونكتب فيه الشعر بالعامية والفصيح، وكنا متحدين حوله قبل أن نتشتت إلى اثني عشر كوكباً أو برجاً، فلا أعلم الفارق ما بين الاثنين. مليونا موظف أجبرهم الزمن على التحول إلى علماء فلك. أختم: تسألني زوجتي: متى ينزل الراتب؟ أجبت: دعيني أذهب لسطح المنزل منتصف المساء لأعرف توقيت البرج.