لا شك أن وزارة الداخلية من أفضل الوزارات أداء، يدل على ذلك الجوائز العالمية التي حصلت عليها، والتكريم من قبل الحكومة والعالم لوزيريها السابقين الأمير نايف ـ رحمه الله ـ والأمير محمد بن نايف ـ حفظه الله ـ، وهي أيضا أول وزارة أدخلت التقنية، وأول وزارة وصلت حتى قبل الشركات الخاصة إلى المستفيد عبر الإنترنت، وقدمت خدماتها عن بُعد، كما أن سجلها الوطني في البطولات يعرفه القاصي والداني، وبعض إنجازاتها في القبض على الإرهابيين مثل مفجري حج 1989 يدرس في العالم الغربي، ومثله إدارتها لملف الحج ومراكز المناصحة والكثير من المهام والملفات الأخرى.
لكن كل مؤسسة يجب أن تراقب هيكلها التنظيمي إذا رغبت في استمرار نجاحها وتحقيق نتائج أعلى في كل مرة تقدم خدماتها، والمراقب للهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية يلاحظ أنه أخذ في الآونة الأخيرة يمتد عموديا، ويتفرع وتكثر فيه الأسهم التي تشير إلى رجال يفصلهم الكثير عن القرار، وهذا يعني الابتعاد عن أبسط شروط التميز والجودة التي تتطلب هيكلا تنظيميا أفقيا يجعل الاتصال بالقائد الأعلى مباشرا حتى تقل مدة اتخاذ القرار.
ما حدث أن وزارة الداخلية أصبح لديها مع مرور العهود والعقود عشرات المهام وعشرات الملفات، فهي مسؤولة عن الشرطة والمرور والدفاع المدني وملف الحج والعمرة، والملف المتفرع عنه ملف متخلفي الحج والعمرة، وكذلك المخدرات ومهربيها ومسوقيها والشبكات العالمية لنشرها، والجرائم الإلكترونية وغسيل الأموال، والحدود وحمايتها والجوازات والأحوال المدنية... إلخ.
كل ما هو أعلاه لا يتصور معه ما يتطلبه العصر الراهن من سرعة في اتخاذ القرار وكفاءة عالية في الإنجاز وتركيز أكبر، التي لا يريدها السعوديون فقط، بل العالم كله، فنحن أصبحنا بلدا من عشرين بلدا تحرك الاقتصاد العالمي، وموقعنا الجغرافي والديني يجعل مليارا ونصف المليار مسلم يروننا مركز قيادتهم، لذا فإن ملفا كملف الإرهاب والأمن كان لابد أن يستقل، ويحصل على الكفاءات المتفرغة لقيادته، وهو ما بشرتنا به القرارات الملكية الأخيرة، وأهمها إنشاء جهاز رئاسة أمن الدولة.
تقول المعلومات إنه سيكون مسؤولا بالدرجة الأولى عن ملف الإرهاب ومراقبة تمويله داخليا وخارجيا.
والذي تطلب أن ينضم له من الهيكل القديم لوزارة الداخلية المباحث المهتم بالعمل الاستخباراتي ومراقبة التجسس وقوات الأمن الخاصة، وعلاقتها بتفكيك الخلايا الإرهابية والقبض عليها في الميدان معروفة، وطيران الأمن ومركز المعلومات الوطني.
مما سبق تلاحظ شمولية القرار واهتمامه بأدق التفاصيل القادرة على إنجاح عمل المركز، مما يجعلنا ننتظر من الرجال الذين كلفتهم الدولة مسؤولية هذا الجهاز الكثير من النتائج المغيرة لواقع حالنا مع الإرهاب الذي سبق أن حققنا نجاحات فيه، وننتظر نجاحات أعظم وأكبر بعد هذا القرار.