قال الشاعر السعودي ناجي حرابة «فائز سابق بجائزة شاعر شباب عكاظ»: رغم أنني، لم أتقاضَ مبالغ مالية نظير كتابتي قصائدي الشعرية، إلا أنني أجد أن ذلك ليس خطأ، وأن من حق الشاعر الحصول على مبلغ مالي، نظير كتابته القصيدة، لبذله الكثير، وسهره الليالي، وانقطاعه عن أهله وارتباطاته الاجتماعية، في سبيل أن ينسج قصيدة، وأن ينحت من صخرة اللغة لبناء هذه القصيدة، ويمتع بها الناس، ولهذا يستحق أن يُكافأ، واصفا القصيدة في ذلك بـ«البضاعة» التي يشتغل ويتعب عليها الشاعر، منتقدا بيع القصائد بغرض نسبة كتابتها إلى شخص آخر مقابل المال، داعيا إلى تبني المستفيدين من القصائد إلى مكافأة الشعراء.

جاء ذلك، خلال كلمته مساء أول من أمس، في الندوة المصاحبة لتدشين أوبريت «غصون الوفاء»، والذي يحمل رسالة احتفاء بانضمام الأحساء إلى شبكة المدن المبدعة في «يونيسكو»، على مسرح أرض الحضارات في جبل القارة بالأحساء، وأدارها المهندس محمد الصالح.


كلمات بسيطة


أشار حرابة إلى أنه بذل جهدا كبيرا في صياغة كلمات هذا الأوبريت الوطني، وجعل كلماته بسيطة لضمان وصولها إلى شرائح المجتمع المختلفة، وباللغة العربية الفصحى، حتى تصل إلى كل عربي وأجنبي عبر الترجمة الصحيحة إلى اللغات المختلفة، موضحا أن هناك علاقة متجذرة بين الشعر والنغم «الموسيقى»، ولا يمكن الفصل بينهما، بما في ذلك القصيدة النثرية التي ينسلخون فيها عن الغنم، بيد أنها تحوي موسيقى داخلية، مؤكدا أن الموسيقى حاضرة في قصائد الشعر بنوعيها التفعيلة والنثرية، وأن الشاعر حينما يكتب القصيدة يكتبها على موسيقية ما، وهو ما يشير إليه هذا الأوبريت، على أن الشعر طائر وأجنحته الموسيقى.

وذكر حرابة «كاتب الأوبريت» أن الشعر الأحسائي، امتلك حيزا كبيرا من المشهد الثقافي السعودي بوجه عام، والأدبي بوجه خاص، فهناك قامات شعرية قدمت نتاجا شعريا راقيا وجميلا، ودخلت في مضامير السباقات، ونالت الجوائز، مستشهدا في ذلك بالعدد الكبير للدواوين الشعرية، وما تتناوله وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والجديدة.





طقوس كتابة القصيدة


قال حرابة، إن كثيرا من الشعراء لديهم طقوس معينة عند الكتابة الشعرية، وإن بعضهم يبالغ في تلك الطقوس التي منها الموسيقى والقهوة والاستماع إلى المطربين والمطربات، بيد أنه أكد أن القصيدة هي تخلق ظرفها، وتستدعي وتأخذ الشاعر من مشاغله، وتأتي بلا توقيت زمني، ويستجيب الشاعر لها ليكملها، وهي حالة شعورية خارج الظرف الزماني والمكاني، ويحتاج الكاتب إلى أن يهيئ نفسه للكتابة، لافتا إلى أن شعراء يستطيعون كتابة القصيدة في مناطق الضجيج، وينفصل من جوه، ويعيش في عزلته، وهو وسيط الضجيج فيكمل القصيدة، ومنهم من يحتاج إلى حالة من الهدوء والسكون، مشيرا إلى أن طقوسه في الكتابة الشعرية، تستلزم الانزواء في البيت بعيدا عن الضوضاء لإكمال القصيدة.

وفي معرض تعليقه على ترديد بعض الشعراء عبارة: «القصيدة كتبتني ولم أكتب القصيدة»، أوضح، أن فكرة القصيدة أو البيت الأول، عادة ما ينتمي إلى الغيب، لأنه يأتي فجأة ولا إراديا ودون مقدمات، وتنطبق عليه مقولة «كتب نفسه»، والغربيون يطلقون عليه ينتمي إلى الساحة الإلهية، وهو إلهام، وأن إكمال القصيدة يحتاج إلى درجة عالية من الوعي، واستحضار أدوات كتابة القصيدة، كي تخرج القصيدة ناضجة وقطعة فنية عالية المستوى.


عمل 4 أشهر


ذكر المنشد صابر المضحي، أن فكرة الأوبريت كانت قبل نحو عام، واستغرق تنفيذه 4 أشهر، وجرى تصويره في عدة مواقع، منها متحف الناصر التراثي في بلدة التهيمية، وبعض الحارات في الأحساء، وجبل القارة، وهو عمل أحسائي، يعكس التقدم الذي تعيشه، والماضي العريق، إلى جانب انضمامها إلى شبكة «يونيسكو» للمدن المبدعة في العالم في المجال الإبداعي «الحرف اليدوية والفنون الشعبية»، وأن الأوبريت برعاية جمعية العمران الخيرية. وذكر المشرف العام للأوبريت حيدر الناصر، خلال الندوة، أن الأوبريت حقق مشاهدات تجاوزت الـ15 ألف مشاهدة خلال الأسبوع الأول على «يوتيوب»، موضحا أنهم ركزوا في الأوبريت على عدة حِرف تشتهر بها الأحساء، منها: حياكة البشوت، والخياطة، والفلاحة، وصناعة الأقفاص، ودمج تلك الحرف اليدوية بما توصلت إليه الأحساء حاليا من تخريج الأطباء والمهندسين والمعلمين والضباط.