جميل أن نرى وزارة التعليم تقدم لنا برنامج الرياضة في مدارس البنات، ورغم أنها خطوة متأخرة جدا، إلا أنني متأكد من أنها لا تستحق كل هذا الخوف من بعض المتشددين، لأنها بكل بساطة ستكون حصة يتيمة في الجدول الأسبوعي، وستكون حصة الرياضة للبنات على خطى حصة الرياضة للبنين التي لو تساءلنا منذ تأسيس التعليم في السعودية ماذا قدمت الرياضة المدرسية للوطن؟
هل رأينا الرياضة المدرسية تقدم لنا مواهب في كرة القدم كمثال؟ ولماذا وضعت كرة القدم كمثال.
بكل بساطة لأنها هي الرياضة الوحيدة التي تقدمها وزارة التعليم، إذ لا توجد رياضة كرة التنس ولا السلة ولا الطائرة ولا السباحة ولا كرة الماء، وإذا وجدت فهي في مدارس محدودة ومعدودة على الأصابع وفِي الأغلب خارج التعليم الحكومي.
مدرسو التربية البدنية في كل المدارس الحكومية مهمتهم الوحيدة هي التأكد من أن كرة القدم سليمة بعد نهاية كل حصة رياضية، والتي يكتفي فيها بالوقوف تحت ظل الشجرة المحاذية للملعب ويتابع من بعيد، ولذلك لم نشاهد حتى الْيَوْمَ نجما من نجوم المنتخب السعودي قادما من كلية التربية البدنية من جامعة الملك سعود، أو من جامعة الملك عبدالعزيز أو غيرهما من الجامعات التي تكرر لنا خريجي ومعلمي الرياضة أو التربية البدنية كما تُفضل أن تسميها وزارة التعليم.
ماجد عبدالله - جلاد الحراس - كما يحب أن يلقبه عشاقه لم تكتشف موهبته وزارة التعليم رغم أنه كان كل يوم يلعب مع أقرانه في المدرسة وهو صغير، ولكن معلمه لم يكن مهتما بموهبته وتنميتها أكثر من اهتمامه أن الكرة لا تفقد أو تعطب تحت أقدام هؤلاء الطلاب الأشقياء، كان ماجد عبدالله يقول لوزارة التعليم في كل حصة رياضة يلعبها في مدرسته أنا مجد وتاريخ الكرة السعودية، لكن وزارة التعليم لا يهمها سوى أن يكون في الجدول حصة تربية بدنية لا أكثر ولا أقل، تركوه حتى اكتشفه نادي النصر، وتبنى موهبته وقدمه للوطن بكل فخر، يوسف الثنيان أيضا ومحيسن الجمعان وسامي الجابر ونواف التمياط ومحمد الشلهوب وياسر القحطاني ومحمد نور، كلهم كانوا في مقاعد وزارة التعليم، ولولا اجتهاد الأندية الرياضية في اكتشاف المواهب وتنميتها، لما رأينا كل هذه الأسماء تلمع في سماء الإنجاز الرياضي السعودي.
حصة الرياضة في مدارس البنات تبدأ من نقطة الصفر، فلا توجد لدينا معلمات سعوديات للرياضة، ولا توجد لدينا البنية الأساسية لحصة الرياضة في مدارس البنات ولا جامعات البنات، ولذلك أتمنى من وزارة التعليم أن تعالج كل السلبيات التي مرت وتمر بها رياضة البنين عند تأسيسها لرياضة البنات، وهي فرصة ليكون لنا سجل رياضي نسائي مشرف في المحافل الدولية التي شاركنا فيها بخجل ودون أي إنجاز يذكر، وكانت المشاركة فقط لتسجيل حضور، وهي فرصة أيضا لاكتشاف المواهب الرياضية في مدارس البنات وتنميتها، والتي لن تكتشفها الأندية الرياضية، لأنه حتى الآن لا توجد لديها رياضة للبنات، ولذلك كل المواهب الرياضية النامية في مدارسنا ستوأد داخل أسوار المدارس إذا لم تقم وزارة التعليم بدورها في اكتشاف المواهب وتنميتها بالتدريب.
في الستينات الميلادية كانت الرياضة النسائية موجودة في مدارس البنات الخاصة بجدة، وكانت ستستمر لولا حقبة -الصحوة- التي حرمت رياضة النساء بحجة سد الذرائع، حتى عادت من جديد في عام 2006 بتأسيس أول أكاديمية رياضية نسائية في السعودية، وفي عام 2008 تعيين فارسة سعودية كعضوة في الاتحاد السعودي لرياضة الفروسية، وعام 2012 سجل التاريخ أول مشاركة رياضية نسائية سعودية في المحافل الدولية في أولمبياد لندن، ورغم أنها كانت مشاركة ضعيفة ولَم تحقق أي إنجاز، لكنها البداية التي أتمنى من وزارة التعليم أن تهتم باكتشاف المواهب وتدريبها، لتكون مشاركاتنا القادمة في المحافل الدولية ليس لتسجيل حضور، بل للمنافسة وكسب الميداليات والكؤوس ورفع العلم السعودي بانتصار وشموخ.