الرجل والمرأة السعوديان، بشر طبيعيون، لا يختلفون عن أي ذكر وأنثى في العالم، والسعوديون لديهم دين وقيم وأخلاق، لا يحتاجون لمن يحمل عصا ويلزمهم بها، فهم محافظون عليها وملتزمون بها أينما حلوا أو رحلوا!.
هذه المقدمة، كلام لا جديد فيه. الجديد أن هذا المجتمع حين تم السماح له بأن يرفّه عن نفسه، عبّر عن ذاته أجمل وأرقى تعبير، أي أنه قدّم ذاته على حقيقتها، وهذه الحقيقة قالت عمليا: إن مجتمعنا شبّ عن طوق الوصاية التي فرضت عليه خلال العقود الأربعة الماضية، بل وضجّ منها وتضجر وملّ، فما سُمي بالصحوة التي قامت على أكتاف السروريين، قتلت إحساس مجتمعنا السوي بالحياة، بل وقتلت الحياة الطبيعية نفسها، نعم قتلتها، إذ كان التوجس والخوف والشك هي العناوين الرئيسة لنهار الناس وليلهم، وصارالرعب مهيمنا على الكل!.
الرعب من ماذا؟! الرعب من الوقوع في الحرام، بعد أن أصبح التحريم هو القاعدة، وليس العكس، وتحولت سبل اليسر التي هيأها المولى عز وجل لخلقه كلهم، مسارات عسر أمام مجتمعنا، حتى انفرد بها بين مجتمعات الدنيا، وأصبحت سمة له، في حين أن شعوب العالم لمّا ترى الأسرة السعودية -مثلا- خارج الحدود تندهش من أنهم بشر طبيعيون!، ثم تتساءل: من كسا هؤلاء البشر صفة شوهتهم أمام العالمين؟!
أترك للقارئ الكريم فرصة التأمل، ومحاولة الإجابة!، ثم أقول: إن القيادة في وطننا هي المؤثر الأول والأكبر في أي تغيير حدث ويحدث وسيحدث، فحينما قررت القيادة فتح مدارس البنات، وَأَدَتْ بقرارها زوابع الرافضين، ومنحتهم فرصة الاختيار، حتى صار أولئك الرافضون يتسابقون على إلحاق بناتهم بالمدارس، والآن يسعون -ويتوسطون!- لإلحاقهن بالبعثات، وأصبحنا نرى ما يتدفق أمامنا اليوم من أنهار الإبداع والإنجاز والتفوق، النابعة من بناتنا وأخواتنا داخل الوطن، وعلى منصات التكريم العالمية.
وقس على تعليم البنات كل جديد جاء إلى بلادنا، وكل طموح يتطلع مجتمعنا أن يصل إليه، أو كل ما تم قتله بسيف الصحوة!، وستجد أن قرارات القيادة هي البطل الذي يقود قفزات التغيير والتطوير، ويلبي المتطلبات الطبيعية للحياة، بجسارة ووعي وتطلع إلى الأفضل دائما، وأنا هنا لا يمكن مطلقا أن أهمّش دور المجتمع بكل مكوناته وفعالياته ومطالباته، وأهمية كل ذلك في مشاريع التطوير والتغيير، لكني أريد توضيح أننا مجتمع طبيعي لا نختلف عن أي مجتمع آخر، وحين قررت القيادة وأذنت بالترفيه النظيف -وهو مطلب شعبي عام وقديم!- رأينا فعاليات الغناء والمسرح والسينما ومعارض الفن ومواقع التنزه العائلية، وغيرها، والأهم أننا وجدنا مجتمعا رشيدا طبيعيا محافظا على قيمه وأخلاقه، من غير سوط يسوقه، أو يقوده، ومن يتجول في أي حديقة أو موقع ترفيه، أو احتفالية، سيلحظ ذلك بوضوح صارخ، وسيرى أن كل تهيؤات الفساد الأخلاقي التي كانت في الماضي لم تكن سوى أوهام وتُهَم، تَبَيّن للناس اليوم أنها كانت لخدمة أغراض أخرى غير الدين، وغير حماية المجتمع من الفساد الذي كان شعار السرورية وهي توطد قواعدها في كل مفاصل وطننا!.
القصة تطول، لكن وطننا قلب الصفحة، وقرر أن يتقدم إلى مستقبل يحقق طموحات أبنائه وبناته، ويضعهم جميعا في المكانة التي يستحقونها، ويستطيعون تحقيقها، ويخرجهم من عباءة التشدد والتطرف غير المبررين، إلى حدائق الدين الصحيح، وينتشهلم من أكفان الموت إلى مباهج الحياة!.
من فعل ذلك للوطن، من قلب الصفحة؟!
هذا تراكم طويل منذ المؤسس الفذّ، حتى سلمان الحزم، الذي واصل المسيرة بعزم، فكان عام 2015 هو منطلق الإصلاح السريع، ثم توالت التغييرات والتطويرات المختلفة، وفي شتى المجالات.
وقبل أن أختم مقالي عن ميدان الترفيه والسياحة، أشير إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان قال: إن السعوديين ينفقون سنويا أكثر من اثنين وعشرين مليار دولار خارج المملكة على الترفيه والسياحة، ولهذا قررت الدولة الاستثمار في هذا الجانب محليا....»، وهنا أمّن الشعب، والسلام.