قبل عدة أشهر كنت مع مجموعة من الأصدقاء، دخل علينا «أبو فهد» ومعه أكياس كبيرة مليئة بالخضار، وأخذ يوزع علينا بكرمه المعهود. قال لي إنه زرعها بتقنية الـ«Hydroponics» أو الزراعة بالماء. لم أكن وقتها أعرف شيئا عن هذا الأسلوب الجديد في الزراعة. فهي لا تحتاج لتربة أبدا! هذه المعلومة بحد ذاتها تعتبر نقلة نوعية بتاريخ البشر، فقد ارتبطت الزراعة بالتراب لآلاف السنين، ويبدو أن هذا الارتباط سيتغير في المستقبل.

الفكرة تقوم على توفير كل ما تحتاجه النباتات من أغذية وأملاح ووضعها في الماء. يتم تثبيت النباتات بقوالب بحيث يجري الماء تحتها طوال الوقت من خلال أنابيب أو مجارٍ خاصة. ويتم التحكم بالإضاءة ودرجة الحرارة. إذا تخلصت من التربة فأنت قادر على استثمار كل متر مكعب من المكان على شكل رفوف بعضها فوق بعض. بهذا المزارع يوفر الماء بحيث لا يضيع داخل التربة، ويستغل كل شبر من المكان، بالإضافة إلى أنه يستطيع زراعة كل ما يحلو له من خلال توفير بيئة معينة من الإضاءة ودرجة الحرارة. العلماء لم يتوقفوا عند هذا الحد، فهناك أيضا الزراعة بالهواء «aeroponics»، وهي تقوم على نفس الفكرة، ولكن يستخدم فيها الغاز عوضا عن الماء. قد تكون هذه الأساليب الجديدة هي الحل القادم لمشكلة تزايد أعداد البشر وشح الموارد الغذائية في كوكبنا.

أبو فهد من خلال هذه التقنية وبمساحة صغيرة في السطح استطاع زراعة كثير من الخضروات وبعض الفواكه ذات النبتات الصغيرة مثل الفراولة والبطيخ والشمام. وعندما التقيت به آخر مرة أخبرني بأنه نجح في زراعة الزعفران. أنت أيضا يمكنك أن تحول مساحة صغيرة من سطح منزلك لمزرعة صغيرة. وما ألذ أن تأكل مما زرعته يداك.