أقرت وزارة التعليم أخيرا تطبيق برنامج التربية البدنية في مدارس البنات في خطوة جريئة موفقة، بعد رفض مجلس الشورى لمقترحات حول ذلك في عدة دورات، وقد استطاعت الوزارة أن تنتزع لنفسها حقّا لا مبرر لمنعه كل تلك الأعوام؛ فممارسة الرياضة أمر صحي مشروع، يدعو إليه الأطباء ويشجعه الحكماء منذ أقدم العصور، ثم إن مدارس البنات بيئات مغلقة غير مختلطة، مما يوفر للمرأة خصوصيتها، ويتيح لها ممارسة الرياضة بحرية أكبر.
ورغم أن الوزارة تعلم مسبقا أنها تستطيع انتزاع ذلك الحق بسهولة، إلا أنها ظلت تنتظر ولم تعد للأمر عدته، حتى إذا جاءت لحظة الحسم، تبين لها أن المدارس غير مهيأة، وأن الكوادر المعدة للتدريب غير متوفرة، مما اضطرها أن تضمن بيانها الجريء هذا الاحتراز (حسب إمكانات المدارس لحين توفير البيئة وإعداد الكوادر التدريبية)، وهذا يعني أن الوزارة لن تطبق قرارها بشكل فعلي إلا بعد زمن طويل، لأن معظم المباني المدرسية تعاني من مشكلات لم يتم حلها بعد، ليكون الاهتمام اليوم منصبا على إنشاء الصالات الرياضية، ولا ننسى مشكلة المباني المستأجرة التي لا تتسع معظم ساحاتها للطالبات في الطابور الصباحي، حتى يكون فيها متسع لممارسة الرياضة.
كان يجدر بالوزارة وهي تفكر جديا باتخاذ خطوتها الجريئة تلك أن تكون قد افتتحت كليات التربية البدنية للبنات منذ سنتين على الأقل قبل هذا القرار، الذي سيضطرها إلى الاستعانة بمدربات أجنبيات، بعد أن استكمل التعليم برامج السعودة بشكل شبه كلي، وهذا يعني العودة إلى المربع الأول.
لا شك أن فرض الرياضة أمر محمود وسوف يجني المجتمع نتائجه الحميدة لاحقا، بعد أن ازدادت نسب البدانة بين النساء، وأثر الانكفاء على الأجهزة الإلكترونية على معدلات حرق الدهون والحركة، وقد كان هذا القرار سديدا مع تأخره، لكن الواقع يتطلب من وزارة التعليم حراكا سريعا يتناسب مع أهمية القرار وجرأة فرضه، فالتهاون والاحتراز في تنفيذ متطلبات القرار يقتلان الفكرة في مهدها. لابد من اتخاذ الخطوات التنفيذية لدعم القرار سريعا، وعلى رأسها افتتاح أقسام أكاديمية للتربية البدنية في الجامعات، التي تقع إداريا في قبضة وزارة التعليم، مما يسهل عليها تلك المهمة التي لم تكن متاحة لو كانت الحال على خلاف ذلك.
على الوزارة أن تسعى جادة في الفترة المتبقية من صيف هذا العام في التعاقد على بناء الصالات الرياضية التي يحتاج تنفيذ هذا القرار إليها، حتى لا تتحول مناهج التربية البدنية في المدارس إلى حبر على ورق، من خلال كتب مدرسية نظرية تدرسها الطالبات وهن على مقاعد الدراسة، على الحال التي آلت إليها مناهج التربية النسوية ومناهج الحاسب الآلي في بعض مدارس البنات.