بحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية، السعودية واحدة من 10 دول تعاني ارتفاعا في معدلات السمنة، وبهذا يتضح أن رياضة الفتيات ستكون علاجا جيدا لمشكلة حقيقية وقائمة، فإقرار التربية البدنية في المدارس، قرار صحي في المقام الأول.
نعم، المباني ليست مهيأة، ولكن هي خطوة الألف ميل، والدولة قادرة على توفير بيئات مناسبة في المدارس والبدايات البسيطة، سيكون لها دور في التغيير القادم.
نعم، توفير مدربات في المدارس ربما يكون صعبا ولكنه ليس مستحيلا، إذ سيكون خلال وقت قصير هناك مدربات متمكنات وسعوديات، فلا شيء ينقصنا لنبدع ونتطور ونعلم ونتعلم. المرأة السعودية قوية وذكية بما يكفي، لتتقدم في أي مجال يتاح لها، فقط امنحوها الثقة وكثيرا من الرعاية والإمكانات.
إن التربية البدنية، والتوعية الغذائية، والتوعية الروحية والنفسية، كلها أساسيات مهمة جدا، ومساندة للهدف الأساسي من تعليم الإنسان، فهي تكمل بعضها، وبالتالي يتخرج الطالب والطالبة في كل مرحلة، وهو يمتلك نمط حياة عقلية وجسدية متوازنة.
لا يكفي أن يقوم التعليم على التلقين والنقل والحفظ وتجميع الدرجات، هذا ليس تعليما، هذا تدجين. التعليم هو التعَلُّم والحصول على مهارات كافية عقلية وجسدية وروحية.
إذن، لنجعلهن أكثرسعادة، أكثر صحة، أقل اكتئابا. هن بحاجة إلى تغذية الجسد ببث الطاقة فيه، فكما يحتاج العقل إلى العلم، يحتاج الجسد إلى الحركة.
إن هذا أبسط حق للفتيات، أن يمارسن حياتهن بشكل طبيعي، وإعطاؤهن الحق بممارسة الرياضة دون تقييد.
إن من يصرخون الآن -بعد قرار تطبيق التربية البدنية في مدارس البنات بعبارات مثل التغريب وما شابه- يجب أن يطرح عليهم سؤال حاسم وجاد، مفاده: هل تعرف معنى التغريب تحديدا؟ إنه بحسب مرجعية المعنى التغريبي هنا، فإن كلمة «تغريب» تعني صبغ المجتمع بالثقافة الغربية وأسلوب الحياة الغربية.
إذن، طالما حجّتهم هي هذا الوحش الوهمي الذي يرونه ويسمونه التغريب، فهذا يعني أن استخدامك الهاتف الذكي والآيباد والسيارة وأجهزة التكييف وغيرها، هي تغريب، لأنها من أشكال حياة المجتمع الغربي، بل ومن صنعه أيضا.
الحقيقة، أن إسقاط هذا المعنى على كل ما يخص الفتاة والمرأة السعودية، هو من باب الغلو في إباحة المباح، والمبالغة في التعسير عليهن، لأسباب لم تعد منطقية ولا مقبولة، لا دينيا ولا عرفيا. ومن العقلانية استجابة المسؤولين لحاجة الفتيات إلى الرياضة البدنية التي ليست محرمة، كما يُروّج لهذا، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بدليل قطعي وثابت، والإسلام لا يمنع تقوية الأجسام، بل يريد من المؤمن أن يكون قويا في جسمه، وفي عقله، كما أن مجتمعات المدارس ليست مختلطة، وهذا يعني أن تذييل كل قرار يخص الفتاة السعودية بعبارة ضمن الضوابط الشرعية، أصبح من الأمور التي تستحق التأمل والتفكير فيما تعنيه على وجه التحديد عبارة «وفق الضوابط الشرعية»، طالما أن الفتاة تمضي تعليمها ويومها في مجتمع نسائي بحت، ولهذا على كل من يرفعون شعارات فضفاضة مثل «التغريب» وغيره، عليهم أن يتأكدوا أنه ليست هناك أية مؤامرة على فتياتكم من أية جهة على وجه الأرض، وأن فوبيا المؤامرة هذه وَهْمٌ يسكن عقول البعض، وهم كثرة للأسف. وعليهم أن يطرحوا هذا السؤال وسيجدون الإجابة: من يهتم في الغرب البعيد بما إذا كانت فتياتنا الصغيرات يقمن برياضة الصباح في مدرسة ما في مكان ما من هذا العالم؟
من سيُخدَش حياؤه أو تُمَس مسلماته إذا ما حظيت فتيات المدارس ببعض النشاط الرياضي الذي يمنحهن الحيوية أو الصحة أو البهجة؟
مع كل هذا، فإن الإسلام دعا إلى ممارسة الأنشطة الرياضية المفيدة، ورغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، وكان يوجّه الصحابة إليها، لما فيها من تقوية الأجساد والمحافظة على سلامتها. فقال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير».
من هنا، يتضح أن الخير يكمن فيما يحتاجه الناس، وهذا ينطبق على المرأة والرجل في كل زمان ومكان، مع أننا تأخرنا كثيرا، ولكن القادم أجمل وأنفع.