أين يذهب المفصولون من وظائفهم في القطاع الخاص لأي سبب، ما هو مصير أسرهم؟ باختصار، كيف يعيش هؤلاء بعد أن كان لهم مصدر رزق انقطع فجأة؟

قضايا هؤلاء تستمر في وزارة العمل وغيرها من الجهات القضائية بالسنوات، وحتى لو تم إنصافهم فإن هذا الإنصاف يجيء متأخرا جدا، فماذا يفعل هؤلاء؟ ومرة أخرى, كيف يعيشون؟

دعونا الآن من العاطلين عن العمل أصلا فمنذ سنوات طويلة ونحن نتناقش: هل نعطيهم إعانة إلى أن يجدوا عملا أم لا ؟ ولم نصل إلى نتيجة، ولا أظن أننا سنصل لها في وقت قريب. ودعونا نتساءل عن المصابين بمصيبة البطالة المفاجئة، أولئك الذين توظفوا في شركات أو مؤسسات منذ سنوات بعيدة أو قريبة، وبناء على هذه الوظائف أصبح لهم حياة أسرية، وفجأة فصلوا من أعمالهم، فماذا يفعلون؟ وكيف يعيشون؟ ولو رددت سؤال" كيف يعيشون" هذا حتى نهاية المقال لما لامني أحد.

خذ مثلا، 163موظفا في مكة فصلوا من إحدى شركات التشغيل الصحية منذ نحو سنة، وما يقارب نصف عددهم ستبدأ بطالتهم اعتبارا من اليوم في حائل وغيرهم هنا وهناك في مختلف المناطق والمدن، وزارة العمل تعاقب هذه الشركات بعقوبات هي أقرب إلى تهدئة الخواطر، وأنا لا تهمني عقوبات الوزارة حتى لو أغلقت هذه الشركات نهائيا، أنا يهمني مصير هؤلاء المفصولين الذين أصبحوا خارج إطار الحياة.

إن واجب الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة حيال هؤلاء، وأقول واجبها لأوضح أن هذا واجب، والواجب ليس محل نقاش وليس وجهة نظر، فهؤلاء مواطنون كانوا يعملون وعلى رواتبهم يعيشون هم وأسرهم، ولا يجوز مطلقا أن يتركوا في مهب رياح العوز والفقر وما يفضيان إليه من مشكلات وكوارث إنسانية، ولهذا لا بد أن تصرف لهم رواتب شهرية فور فصلهم إلى أن يجدوا عملا بديلا أو تحل قضاياهم مع شركاتهم التي فصلتهم.

وقد نتساءل: من أين تصرف الحكومة لهم راتبا، وكم ؟ فأما كم، فأعتقد أن تقديره ليس معضلة ويمكن صرف نسبة ستين أو سبعين في المئة من الراتب الذي كان يتقاضاه أحدهم قبل الفصل، لأن الهدف هو سد حاجته المعيشية الملحة، وأما من أين، فلدينا الضمان الاجتماعي الذي يمكن أن تمتد مظلته لتشمل هؤلاء، ولدينا التأمينات الاجتماعية التي يجب أن تشمل خدماتها هؤلاء الذين لا ينطبق عليهم نظام تقاعدها المبكر ولا المتأخر، وإلا فما معنى" ضمان اجتماعي" وما معنى تأمينات اجتماعية إذا لم تخدم مثل هؤلاء نظاما وليس استجداء ولا منحة؟

إنني أعتقد أن على مجلس الوزراء، وليس غيره، وبصورة سريعة أن يتخذ قرارا منصفا بوضع فقرة نظامية في نظام الضمان الاجتماعي أو التأمينات الاجتماعية لمصلحة هؤلاء المفصولين من أعمالهم، فليس معقولا ولا مقبولا بأي مقياس أن يبقى هؤلاء محرومين من حقهم في الحياة، وهذا واجب مجلس الوزراء، بصفته الجهة التشريعية كما هو معروف.