حسنا فعل وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى عندما أصدر قرارا يقضي بالبدء بتطبيق برنامج التربية البدنية في مدارس البنات اعتبارا من العام الدراسي القادم 1438/ 1439، جاء القرار بعد يوم واحد من خبر إسقاط مجلس الشورى لتوصية إدخال منهج التربية البدنية للبنات في المدارس والجامعات، حتى إن الكثيرين من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي يتساءلون عن هذه التناقضات، فقال أحدهم «بالأمس الشورى يرفض واليوم وزارة التعليم تقرر».

وهنا أحببت أفك هذا الاشتباك من باب المهنية الإعلامية، حيث يقول الخبر الذي تناقلته صحافتنا المحلية: إن مجلس الشورى أسقط توصية إدخال منهج التربية البدنية للبنات في المدارس والجامعات ورأى الاكتفاء بقراره الصادر عام 1435 بإضافة برامج للياقة البدنية للبنات بما يتفق مع الضوابط الشرعية.

السؤال: هل هذا الخبر صحيح فعلا؟ بعد السؤال والاستقصاء علمت بأن الخبر غير صحيح، فالتوصية مقدمة من إحدى عضوات مجلس الشورى على تقرير هيئة الرياضة وتتعلق بإدراج مقررات التربية البدنية للبنات ضمن المناهج، وقد تم رفض التوصية بسبب أن التوصية تتعلق بمقررات دراسية، وهذا يدخل ضمن اختصاص وزارة التعليم، وليس ضمن اختصاص هيئة الرياضة، والمهم هنا أنه لم يعترض أحد من الأعضاء على مضمون التوصية، وبالتالي القول بأن مجلس الشورى أسقط توصية إدخال مناهج التربية الرياضية للبنات هذا الكلام غير صحيح.

وبالتالي ليس هناك تناقض بين الشورى وقرار وزارة التعليم، ولكن السؤال الأهم من ذلك: هل يحق للمجالس التشريعية، كمجلس الشورى، أن يناقش الحقوق الإنسانية الطبيعية ويصوت بالقبول أو الرفض؟ الجواب قطعا: لا، لا يحق، ليس مجلس الشورى فقط، بل وحتى المجتمع لا يحق له أن يستفتى ويؤخذ رأيه في مسألة منح أو عدم منح حق من حقوقه الأساسية، كالحق في التعليم مثلا، فالحقوق كمبادئ إنسانية هي خطوط حمراء لا يناقش ولا يجادل فيها أحد.

نعم يحق للمواطن أن يتخلى أو يتنازل عن حقوقه، بل وأكثر من ذلك يجب على أي دولة أن توفر له الحماية في التخلي عن حقه، لكن في الحال ذاته لا يسمح لأي مواطن أن يمنع مواطنين آخرين في حقوقهم الأساسية. إذا وبناء على ذلك فحق تعليم التربية البدنية للذكور والإناث هو حق أساسي من حقوق الإنسان وغير قابل للتصرف، وهو ما تتفق عليه كل المنظومات الدولية في كل العالم، خاصة أن هذا الحق أقرته اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة، فالمادة 31 تقول: «يُطلب من الدول الاعتراف بحق الطفل في الراحة وأوقات الفراغ، ومزاولة الألعاب الرياضية، وممارسة الأنشطة الترفيهية المناسبة لسن الطفل، والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنون»، وبالتالي إقرار هذا الحق من وزارة التعليم هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب أن يتبعها عدة خطوات في وضع آليات وسبل التطبيق وأهمية اتخاذ كافة التدابير الإدارية والتشريعية، وإقرار اللوائح القانونية لإرساء هذا الحق الطبيعي من قبيل استحداث تخصصات في الكليات والمعاهد، وتأهيل معلمات تربويات لهذا التخصص في مدارس التعليم العام، وتوفير ملاعب مخصصة للرياضات النسائية المختلفة، ويمكن الاستفادة كذلك من تجارب المدارس الأهلية والعالمية في المملكة، فلهم تجارب متميزة في هذا المجال.