فيما نطالب بجودة الخدمة المقدمة لنا، سواء من المؤسسات أو الأفراد، نغفل جانبا مهما، ألا وهو نوع التأهيل والتدريب الذي خضعت له هذه الكوادر، وعلى ضوء المعرفة يمكن أن نطالب بنوعية الخدمة الأجود.

ما هو حاصل، أن بعضنا ربما يتحامل على الموظف أو الجهة، محتجا على سوء تعامل أو مستوى عمل ما، مع أن هذا المستوى الذي انتقده يمكن أن يكون أقصى ما لدى هذا الموظف أو ذاك من جهد ومعرفة. وبعض المؤسسات والإدارات لا تولي جانب التأهيل والتدريب اهتماما كبيرا، لذلك يظل الأداء جامدا والقدرات محدودة، إذ إن بعضها ما زال يتبع في إنجاز المهام، ذلك الأسلوب القديم جدا، المعتمد على الورق وسجلات قيد المعاملات، متجاهلة التطور التقني المذهل في مجال الأعمال الإدارية، والتي كانت تمثل عبئا وثقلا على الإدارات، سواء من ناحية تكدس الأوراق والملفات، أو من جهة تعرض البيانات للتلف لسوء الحفظ أو لقِدَمها، ولا نتجاهل جهود البعض في سبيل إخضاع جميع الإجراءات الصادرة عنها لمجال التقنية الحديثة والإنترنت، ويمكن لطالب الخدمة الدخول مباشرة إلى مواقع هذه الإدارات على الشبكة العنكبوتية، ليسجل طلبا جديدا، أو يكمل نواقص طلب سابق، دون المراجعة الشخصية، غير أن كفاءة بعض المواقع في عملية خدمة المواطن ما زالت دون المستوى، وأحيانا كثيرة يتعثر الطلب أو لا يصل، مع أن المدخل اتبع جميع الخطوات المذكورة، وهنا نعود إلى الجانب الأهم في هذا الموضوع، المتمثل في جانب التدريب، فهو ما يجعلك دائما مواكبا الحدث، مطّلعا على الجديد في مجال عملك، منميا الجانب الإبداعي لدى من يملك روح التطوير والتغيير، بل قد يكون السبيل الوحيد لظهور كفاءات ومواهب لم تستغل للجهل بوجودها، هناك كمّ كبير من المعاهد والأكاديميات المتخصصة في مجال التدريب، ولكن هدفها الأول الجانب الربحي، وهذا ما يجعل فواتير برامجها المقدمة باهظة الثمن، لذلك قد يعجز محدود الدخل عن الالتحاق بالبرامج التي تقيمها، هناك معاهد بطبيعة الحال حكومية، وحضور دورتها دون رسوم مالية، لكن عملية الترشيح والقبول فيها صعبة جدا، ووجودها يتركز في المدن الرئيسية خاصة الفروع النسائية، وقد يكون الحل في أن تنشئ هذه المراكز والمعاهد -كمعهد الإدارة مثلا- فروعا لها في المناطق، وتدعمها بالكوادر المؤهلة من هذه المناطق نفسها، سواء بالعمل الدائم أو التعاقد لفترات التدريب، بهذا العمل نوفر بيئة تدريبية جيدة للموظف والموظفة في مناطقهم، وتوفر الإدارات بنود التدريب في ميزانياتها، والتي تصرف للموظف كانتداب إلى مجالات أخرى تطويرية وتحفيزية.

أيضا، نقلص الفارق في مستوى الخدمات بين الإدارات التي يحظى موظفوها بالتدريب وأولئك الذين تنعدم في مناطقهم تلك المراكز، وسيكون الأمر أكثر جدوى لو أن كل إدارة لديها قسم خاص بالتدريب والتطوير، يشرف على مركز تدريب يتبع الجهة، وتخضع جميع موظفيها للتدريب دون ترك الخيارات لهم، حتى تضمن استمرارية تطوير أداء كوادرها، ومواكبتهم لكل جديد في مجال أعمالهم، وأيضا إكسابهم مهارات حسن استقبال المراجع والرقي في تقديم الخدمة له، بدلا مما هو حاصل من بعض الفئات التي لا تستشعر المسؤولية، لذلك تنتهج مبدأ التسويف والمماطلة كطريقة تعامل وتقديم خدمة.