مساء الأحد بعد انتهاء المباراة النهائية لكأس الخليج بين منتخبنا ومنتخب الشقيقة الكويت التي انتهت بفوز المنتخب الكويتي واستلامه كأس الخليج من الرئيس اليمني كدت أبكي تضامنا مع نجم منتخبنا (الشلهوب) وهو يقف مع زملائه بعينين محمرتين يفيض منهما الدمع استعدادا للصعود للمنصة لاستلام ميداليته الفضية من الرئيس اليمني، وقد أشغلني عن البكاء طبيعتي التأملية، إذ انشغلت عن البكاء بالتفكير في أسباب هذا البكاء، فلم أتبين هل كان ذلك نتيجة لشعوره بخيبة الأمل بعد الهزيمة وخسارتنا كأس الخليج بعد أن أصبحنا على وشك الحصول عليه، أم إن بكاءه كان نتيجة لشعوره باليتم وهو يتطلع للمنصة ويرى كبار المسؤولين عن الرياضة وغير الرياضة في الشقيقة الكويت يجلسون عن يمين الرئيس اليمني وشماله ويتأهبون لاستقبال أفراد منتخبهم ولا يرى أحدا من كبار المسؤولين حتى عن الرياضة عندنا في المنصة.
الإخوة الكويتيون دعماً لفريقهم ومؤازرة له ورفعاً لروحه المعنوية في المباراة النهائية لم يقتصر حضورهم على المسؤول الأول عن الرياضة طلال الفهد نجل الشيخ فهد الأحمد رحمه الله، بل حضر أيضا أخوه الرياضي (الدولي) والوزير السابق الشيخ أحمد الفهد، أما نحن فلم يحضر من المسؤولين الكبار عن الرياضة أحد وتركوا المهمة لرئيس بعثتنا الموجود مع الفريق منذ البداية.
تمنيت وأنا أشاهد الشلهوب دامع العينين أن أطيب خاطره وخواطر زملائه، وتمنيت لو استطعت في اللحظة نفسها أن أطيب خواطر كل العاتبين من الجماهير السعودية على المسؤولين عن الرياضة عندنا لعدم حضورهم وأقول لهم (لعل له عذراً وأنت تلوم) ولكن أنا واثق بأني حتى لو فعلت هذا فلن أقنع أحداً، لأن العذر إذا كان موجوداً فالمفروض الإفصاح عنه حتى تطيب النفوس ولا يشعر اللاعب، بل وحتى المشجع باليتـم وعدم اهتمام المسؤول.
كأس الخليج من المناسبات البالغة الأهمية لنا نحن الخليجيين، ولذلك فالمفروض أن يحضر المسؤولون عن الرياضة في دول الخليج المباريات التي تكون دولهم طرفا فيها، وهذا قد يكون فرض كفاية مع التسامح، أما المباريات النهائية على الكؤوس فإن حضورها من قبل المسؤولين عن الرياضة فرض عين، لا يسقط إذا ما قام به آخرون إلا في الحالات القاهرة.
شاهـدت منذ عدة أيام وقبل الدورة النهائية للدورة مقابلة مع رئيس بعثتنا المشرفة على المنتخب، وقد أثنى ثناءً جزيلاً على المسؤولين عن الرياضة عندنا وقدم لهم وافر الشكر لدعمهم الكبير للمنتخب واتصالاتهم المتكررة، وقد تذكرت تلك المقابلة، لأن كل ما ورد فيها يوحي بأن المسؤولين كلهم وليس بعضهم لا بد أن يحضروا المباراة النهائية، ولذلك فعندما لم أر أحداً معهم تعجبت من ذلك، لأنه كان لافتاً وتساءلت عن السبب راجياً أن يكون خيراً، وأنا واثق أن عدم الحضور هذا سيكون علامة استفهام حادة بالنسبة للكثيرين.
حين كانت دورات الخليج في أوج عزها وتألقها كنا نسعد بحضور المسؤولين عن الرياضة في دول الخليج، ليس فقط مباريات بلدانهم ولكن أحياناً أغلب المباريات، وليس فقط المباريات النهائية بل يحضرون أحيانا المباريات الأخرى، وكان ذلك الحضور يشجع اللاعبين ويرفع روحهم المعنوية، بل ويعزز المنافسة والحماس، وما زلت أتذكر جو الحبور الذي ينتج من تلك المداعبات الجميلة التي يتبادلها هؤلاء المسؤولون بروح رياضية حتى وهم في المقصورة يتفرجون على المباريات، وأتذكر أن الشيخ فهد الأحمد رحمه الله عندما سجل الفريق الكويتي هدفا في مرمى الفريق السعودي قام وبدأ يصفق وينظر للأمير فيصل بن فهد رحمه الله، ويبتسم، أي أن الروح الرياضية التي من أهم مكاسب كرة القدم كانت حاضرة، ولا تتأثر بغيرها، فالرياضة محبة وتآلف وتعارف، والرياضيون كما قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء هم عشاق التآلف.
لقد كانت المباراة كلها مؤثرة، وكان المشهد الأخير أكثر تأثيراً، فقد رأيت الشيخ أحمد الفهد يترك المنصة ويتجه للجماهير الكويتية يحييها ويشكرها على مؤازرتها الفريق الكويتي، بينما كان أفراد فريقنا يتلفّتون في مشهد يكسر الخاطر.