واجهت الروبية الباكستانية أسوأ أزمة لها منذ عام 2008 حينما فقدت 3,25 % من قيمتها خلال ساعتين. واتهم وزير المالية إسحاق دار «عناصر معينة» باستغلال حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد بسبب تحقيقات بنما للحصول على منافع في سوق تحويل العملة الصعبة.

أما البنك المركزي الباكستاني فإنه لم يتدخل لدعم قيمة الروبية مقابل الدولار كما كان يفعل ذلك في السنوات الأربع الماضية، بل إنه أصدر بيانا علل فيه انخفاض قيمة الروبية، ذاكرا أنه «ينسجم مع المبادئ الأساسية الاقتصادية»، حيث تتراوح قيمة العملة المحلية في السوق تبعا لحالة الاستقرار السياسي والسياسة المالية الحكومية. ففي السنوات الأربع الماضية زادت نسبة النمو السنوي بنسبة لم تكن بالحسبان، حيث وصلت إلى 5,3 بالمئة من مجمل الإيرادات المحلية (حسب الإحصاءات الرسمية)، وزاد الاستثمار في المشاريع الإنمائية، وزادت القروض المقدمة للقطاع الخاص، بينما زاد العجز في ميزان المدفوعات الخارجية. أسهمت كل تلك الأمور في تخفيض قيمة الروبية.


تخفيض القيمة

لم تتدخل الحكومة لدعم قيمة الروبية وتوفير العملة الصعبة بعد ازدياد الطلب عليها، مما دفع العديد من الدوائر الاقتصادية الباكستانية للقول إن ما حصل من انخفاض لقيمة الروبية الباكستانية هو عبارة عن تخفيض لقيمتها بصورة غير معلنة. فقد رفعت حكومة نواز شريف منذ مجيئها للسلطة في عام 2013 شعار أنها ستعمل على استقرار سعر الروبية طيلة فترتها الشرعية المنتهية سنة 2018.

تعزو تلك الدوائر الاقتصادية تخفيض قيمة الروبية للوبي المصدرين الذي كان يحث الحكومة خلال السنتين الماضيتين على تخفيض قيمة العملة المحلية لزيادة الصادرات الباكستانية التي شهدت انخفاضا كبيرا، نظرا لأن دول المنطقة خفضت قيمة عملتها كي تزيد من صادراتها، بينما لم تفعل الحكومة الباكستانية ذلك، مما جعل المصدرين يخسرون العديد من مراكز صادراتهم في الأسواق الدولية، بينما انخفضت الصادرات بصورة كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، فإن واردات باكستان قد ازدادت هي الأخرى. فتخفيض قيمة الروبية يخدم غرضين: الأول زيادة الصادرات، والثاني عدم تشجيع الواردات، لأن قيمة البضائع المستوردات ستزداد بفعل تخفيض العملة.


عدم الاستقرار

تعزو دوائر اقتصادية أخرى تخفيض العملة لحالة عدم الاستقرار السياسي في باكستان. ففي خلال الفترة أغسطس - ديسمبر سنة 2014، وخلال اعتصام حركة الإنصاف بقيادة عمران خان، وحركة (باكستان عوامي تحريك بقيادة العلامة طاهر القادري) أمام البرلمان، انخفضت قيمة الروبية بمقدار 4,18 روبيات مقابل الدولار، أي بنسبة 4,2 %.  وبعد إنهاء الاعتصام شهدت الروبية الباكستانية حالة استقرار نسبي، حيث إن قيمة الدولار كانت تتراوح بين 103 و105 للدولار حتى ارتفع الدولار فجأة إلى 108,25 روبيات، أي أن الروبية انخفضت فجأة بنسبة 3,25 بالمئة نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي بفعل تحقيقات أوراق بنما، وظهور مريم نواز بنت نواز شريف (المرشحة لتكون رئيسة الوزراء المقبلة) فجأة أمام لجنة التحقيق.





ضعف الاقتصاد

الدوائر المالية لديها تفسيراتها الخاصة التي تقوم بصورة كبيرة على ضعف الاقتصاد الباكستاني، مما يجعل الحكومة تخفض قيمة الروبية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. تشير تلك الدوائر إلى أن الروبية كانت تخفض بنسبة 5 % سنويا منذ السنوات العشر الماضية، لكن التخفيض توقف منذ سنة 2015، لذلك كان من المتوقع تخفيض قيمة الروبية.