من المقالات التي لا أنساها، مقال يتعلق بـ«العمدة». حينما أرسل لي قبل أكثر من 10 سنوات مجموعة من عُمد الأحياء -أظنهم من جدة- طالبين مني مساندتهم في تحقيق عدد من الطموحات والامتيازات المالية والوظيفية التي يسعون إليها!
لم يكن حينها للعمدة دور يُذكر -كيف به الآن- فقمت بنشر الرسالة وختمتها بتعليق أثار غضبهم، إذ طالبت بعدم الالتفات إلى هذه المطالب وعدم تحقيقها، ليس لعدم منطقيتها وواقعيتها -فمن حق الإنسان المطالبة بما يراه حقا له- لكن يقينا بانتفاء الحاجة إليهم!
كل المعلومات التي يعرفها العُمد في بلادنا نستطيع توفيرها بدقة متناهية بالوسائط والصور ونحفظها في شريحة بيانات صغيرة!
وفي ثوان معدودة وبـ«لمسة زر» تستطيع المؤسسة الأمنية وغيرها معرفة كل ما تريد.
تؤكد دراسة حديثة نشرتها «الوطن»، أن افتقار أداء عمد الأحياء إلى التطوير، يكبّر الفجوة بين مهامهم وبين ما يتواكب مع المستجدات الأمنية، إضافة إلى عدم وضوح النظام فيما يتعلق بتحديد الدور الاجتماعي لعمد الأحياء.
هذه الدراسة، إن تم الأخذ بنتائجها، تدعم طموحات العُمد القدامى والجدد، إذ خلصت إلى وجود معوقات عدة تحدّ من قيام العمد بالدور المطلوب في مجال الأمن الاجتماعي، ومنها عدم وجود مواد في النظام تدعم هيبة العمدة -رحم الله زمن هيبة العمدة!- وافتقار عمل العُمد إلى وسائل التأثير الإعلامي، إضافة إلى قلة تطبيق نظام العمد فعليا على أرض الواقع، والتركيز على الدور الأمني وتجاهل الدور الاجتماعي، مع قلة وضوح النظام فيما يتعلق بالدور الاجتماعي للعمدة!
تقول الأغنية المصرية الشعبية «يا حضرة العمدة.. يرضيك يا عمدة». والواقع أن حال «العمدة» لا يُرضي صديقا ولا عدوا. فلا نحن الذين مكّناه من القيام بأي دور -أي دور- يوازي اسمه وقيمته ومكانته في ذاكرة الناس، ولا نحن الذين أحلناه إلى التقاعد وحافظنا على قيمته في وجدان الناس، وجعلناه تاريخا ماضيا لمرحلة ماضية، وقمنا بإلغاء هذه المسميات والوظائف، وسخرناها لتوظيف خريجي الابتعاث كتقنية المعلومات والحاسبات وغيرها، في عصر لم يعد للعمدة دور فيه!
كثير من هذه الملفات بحاجة إلى قرار. قرار لا أكثر ولا أقل.