هناك فيلمان وثائقيان حول تورط فتيات عاديات في تجارة الرقيق الأبيض عبر الإنترنت أحدهما صنع في أميركا والآخر في بريطانيا يعرضان في نتفليكس وهما يديران رأس أي والد ووالدة حول خطورة ما يمكن أن يحدث لصغيرته التي كانت ربما قبل أيام ترجوه أن يشتري لها لعبة بلاي ستيشن أو أوتوقراف من أمازون.

تقول إحدى الفتيات المتورطات أريد المال وتذاكر السفر والملابس، لكن عند الانتقال لبيئتها تكتشف أن لها والدين يعملان جاهدين لبذل حياة لائقة لها، لكن مع كل هذا الانكشاف لم تعد الفتيات ترى نجمات السينما في الأفلام فقط، بل في حياتهن اليومية، حيث السيارات الفخمة والطائرات الخاصة... إلخ. لذلك تقول فتاة أخرى الكل يعرض نفسه ليحصل على المال، لماذا تنكرون علينا نحن ذلك انظروا للفنانين.

إحدى الفتيات لا تنكر المعاناة والإهانة، لكنها تقول حتى لو كنت أعمل في مكتب سأتعرض لدرجة من الأذى لأطعم أطفالي، لكن سأحصل على القليل من المال، لكن هنا يختلف الأمر، فأنا مقابل مشهد أحصل على مبلغ وقدره.

في الحقيقة توجد هذه المشكلة في العالم العربي، بل الخليجي، ربما ليس في درجة الخطورة، لكنها موجودة، فاستعراض الفشنيستات أو مذيعات بالغات بعضهن تجاوز الأربعين أجسادهن في السناب وغيره طلبا للمتابعين هو جزء من هذه التجارة، لكن الفرق أنهم في الغرب صريحون جدا، بينما في الخليج ما زلنا في حيرة، فهل تسوق للفستان أم شيء آخر.

لذا هذه التجارة اللاإنسانية تعنينا نحن أيضا، وتجبرنا بالالتفات نحو صغيراتنا، والتساؤل هل مرأى كل هذه الإغراءات في مواقع التواصل يجعلها غير راضية على مستوى الحياة التي نقدمها لها؟ هل تعتقد أن مهمتي انتهت وأنها لا تريد أن تصبح طبيبة أو صحفية أو زوجة وأم، ولكن تريد أن تتمشى في الجنوب الفرنسي مثل حليمة بولند.

في الفيلم الوثائقي الأميركي مرروا رسالتين الأولى أن المال مطلوب من الجميع، لكن الفتاة لا تستخدم جسدها لجلبه إلا إذا تعرضت لما يجعلها تحتقره، لذا عرضوا نموذجين لفتاتين تعملان في المجال، كلتاهما وقعت في الحب وكان لهما «بوي فريند» أخذ منها تجربتها الأولى وتركها، فشعرت بإهانة بالغة انحدرت بها لهذا المستنقع. أما الرسالة الأخرى فتقول إن الحب يعيد للمرأة وعيها بقيمة نفسها، فتريسا تترك هذا العمل لأنها وقعت في حب رجل أعاد لها التوازن وذكرها بقيمتها، كما أن حب والدها وعدم رغبتها في خسارته لو عرف كان دافعا أيضا للتوبة.

الحب والتقدير والاحترام مهم جدا لتحمي فتاتك من هذا الانفتاح وهذا الإغواء المخيف، لكنك تحتاج لما يرشدك إلى التصرف بتعقل مع كل هذه الإغراءات، لذا ونحن كآباء ننتظر كلمة علماء الاجتماع وأطباء النفس وعلماء الدين وتوصياتهم حوله.