ضجّت وسائل الإعلام قبل أيام بصور تقشعر لها الأبدان، أظهرت قيام الجيش اللبناني بما يشبه إلى حد كبير أعمال جيش النظام السوري، من اعتداء وضرب وتعذيب وانتهاك لحقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين «الضيوف» السوريين إلى لبنان.

الصور التي نشرتها عدة وكالات أنباء، وصحف ومواقع إلكترونية، تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت غضبا شديدا لدى الجمهور اللبناني والسوري والعربي، تعاطفا مع السوريين المدنيين العُزّل، وزادت حدة الغضب بعد تسليم الجيش جثث 4 ضحايا قتلوا خلال اعتقالهم، فكانت صدمة كبيرة شعر بها اللبناني قبل السوري، والذي بدأ يسأل عن مستقبل أبنائه في وطن يُقتل المعتقل بين أيدي القوى العسكرية والأمنية ببساطة، وكأن شيئا لم يحدث.

إن الجيش اللبناني الذي أردنا دوما أن تكون له السلطة الكاملة على الأرض اللبنانية، والآمر الناهي في معركتنا ضد الإرهاب والعدو الإسرائيلي، والذي أردنا أن يكون الوحيد الذي يحمل السلاح على الأرض اللبنانية، ليشكل ضمانة لمستقبل أبنائنا وأمن وطننا، لا يجب أن يدخل هذا الجيش في متاهات تخدم النظام السوري وحزب الله وأعداء لبنان، تحت أي ظرف، وهنا أتوجه بالسؤال إلى قيادة الجيش وضباطه الذين أصدروا الأوامر باقتحام مخيمات اللاجئين السوريين وإذلالهم، وقتل من تم اعتقاله منهم.

• أين كانت المؤسسة العسكرية عندما تم اجتياح بيروت وجبل لبنان من حزب الله الإرهابي وميليشياته في السابع من مايو 2008؟

•أين كان الجيش عندما أحرق حزب الله تلفزيون المستقبل ووسائل إعلام ومكاتب حزبية مناهضة لحزب الله في مايو 2008؟

•أين الجيش اللبناني من تجار المخدرات والمجرمين الذين لا يبعدون كثيرا عن عرسال، ومعظمهم من بيئة حزب الله؟

 • أين أصبحت التحقيقات في مقتل الضابط سامر حنا الذي سقط شهيدا على أرض الجنوب برصاص إرهابيي حزب الله؟

 • أين أصبحت التحقيقات في مشاركة حزب الله إلى جانب الجيش اللبناني في معركة عبرا في صيدا؟

• كيف يتم إرسال تلاميذ ضباط الجيش اللبناني إلى «معلم» مليتا السياحي التابع لحزب الله، وكأنهم في زيارة إلى دولة تطلعهم على إنجازاتها العسكرية، وكيف تقبل المؤسسة العسكرية بإذلال ضباط المستقبل بهذه الزيارة الوضيعة كمن حضر لها؟

 • لماذا لا نرى حشودا عسكرية غاصبة تنتقم لأرواح شهداء المؤسسة العسكرية الذين يسقطون برصاص عصابات تحتمي بمربعات أمنية لحزب الله في البقاع وبيروت والجنوب؟

 • هل نسيت المؤسسة العسكرية أن لها شهداء وأسرى سقطوا على يد قوات حافظ الأسد، بعد فرار الرئيس ميشال عون إلى فرنسا تاركا ضباطه وعناصره في مواجهة غير متساوية مع الجيش السوري؟

• هل يعرف قائد الجيش أن عودة السوريين إلى أرضهم تأتي بعد انسحاب حزب الله من بلداتهم ومدنهم في سورية؟

• كيف ترى المؤسسة العسكرية أنه لا يحق للسوري حمل السلاح للدفاع عن نفسه في المخيمات، بينما حزب الله في بلداتهم السورية بكل سلاحه وعتاده. أَحَلال عليه وحرام عليهم؟

•أين الجيش اللبناني من إلقاء القبض على كل من تورط بالتخطيط والتنفيذ لعدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت سياسيين لبنانيين معظمهم من الرافضين للنفوذ السوري على لبنان؟

•أين الجيش اللبناني من وقف تهديدات نصرالله لدول الخليج العربي وإرسال إرهابييه إلى اليمن والبحرين وتهديد السعودية؟

إن المؤسسة العسكرية اللبنانية تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، وما قد يحدث في أي وقت لاحق، لأنها لم تتصد لقوافل حزب الله العسكرية التي توجهت إلى سورية بسلاحها ومدرعاتها، وتركتهم يقتلون ويشردون ويذبحون الشعب السوري، ولم تقف وقفة حق تمنع مثل هذه التدخلات، لتحمي لبنان من تبعات وانتقام أي تنظيم أو فصيل سوري لشعبه الذي فقد الأرض والعرض وحتى الروح، على يد حزب الله الإرهابي القادم من لبنان.

إلى قائد الجيش نقول بكل صراحة: ما هكذا يكون الشرف والتضحية والوفاء، وما هكذا تكون البطولات والإنجازات، وإن ما تقوم به مؤسستك العسكرية سيكون السبب الرئيسي لخفض المساعدات العسكرية للجيش الذي يبدو أنه استنسخ فرعا لحزب البعث داخل أروقة مؤسسته، فتحول من جيش وطني إلى جيش ينتهك أبسط حقوق الإنسان في الحصول على ملجأ آمن، وتحقيقا عادلا، ومعاملة إنسانية حسنة.

إن المطلوب اليوم من المؤسسة العسكرية -وحمايةً لدورها وحجمها- القيام بتحقيق نزيه وشفاف في مقتل السوريين الأبرياء على يد عناصرها، ومحاسبة الضباط المسؤولين عن إصدار الأوامر بالقتل العمد لهم، ومحاسبة كل من شارك بإدخال عناصر من حزب الله إلى ثكنات الجيش في البقاع، للتحقيق مع المعتقلين والاعتداء عليهم بالضرب وتعذيبهم حتى الموت، بمشاركة عناصر من الجيش، والمطلوب إصدار بيان واضح واعتذار للشعب السوري على ما أصابه من صدمة وخوف، نتيجة هذا الخطأ الذي وقعت فيه المؤسسة العسكرية التي يعدّها السوري أيضا ضامنة لأمنه خلال وجوده في لبنان.

على المؤسسة العسكرية محاسبة عناصر مخابرات الجيش المُختَرَقين من قِبل حزب الله، والذين قدموا معلومات خاطئة عن وضع مخيمات السوريين في عرسال، لإشعال هذه الفتنة والإضرار بصورة المؤسسة العسكرية اللبنانية، التي نؤكد أننا لا نريد أي جهة غيرها أن تملك حصرية السلاح والقوة في لبنان، وعلى القيادة أن تعرف بوضوح، أنه لن يكون هناك دعم دولي حقيقي لها ما لم توقف تنسيقها مع حزب الله، وتفرض سلطتها على كل الأراضي اللبنانية، وتتعامل مع القضايا كافة بمساواة، بعيدا عن التجني على جهة على حساب جهات أخرى.