سمة جميلة انتشرت منذ سنوات، وذلك بإعلان استقبال معاليه للمهنئين بالعودة للعمل التي استراح فيها العاملون هذا العام بمدة طويلة جدا تفضل بها الأمر الملكي حتى 15 من شوال، حتى أصبح الناس من طولها مع شدة الحر يقلبون الليل نهارا لإضاعة الوقت والنوم طيلة النهار، ثم المقاهي والاستراحات، لقد انتهت الإجازة وحان وقت العمل الجاد لأداء مهام الوظيفة مصحوبة بالنشاط والحيوية، كل في موقعه، لكن بعد السلام على معالي الوزير أو نائبه، والسؤال هل هناك ضرورة أو حاجة لهذا الملمح الجديد بالسلام والتهنئة، حتى إن من لم يسلم حينها يكون حوله علامة استفهام؟
الموظف في نظري هو الموظف الجاد المثالي المتفرغ لأداء خدمة الوظيفة حتى لا تترك الأعمال لليوم التالي، وهذا أحد عيوب إضاعة يوم كامل للسلام، مع علمي أنها لا تأخذ سوى ساعات قلائل من الدوام الرسمي، والسؤال هل نظام الخدمة المدنية أو نظام العمل والعمال تطرق لهذا الأمر. بالتأكيد ونصا.
وهذا من أخلاقيات المهنة التي ندرسها في الجامعات ما يعرف بالاحترام والابتسامة بين الرئيس ومرؤوسيه، من باب التشجيع على العمل وإدخال الأُلفة بينهم جميعا، وتعتبر أريحية نفسية وسنة حسنة، طبقت حتى في المستويات الوظيفية الصغيرة، مما شجع على نجاحها، وأتصور أنها ضرورية في مجالات أخرى كالعاملين في علاج المرضى وأبطال الحد الجنوبي، ليشعروا بقرب المسؤولين منهم، وأنهم بينهم مهما بعدت المسافة، وحتى يمضي العيد وتعود معه الأماني وتدور عجلة الأيام بالإنتاج دون أن يعكر صفو المحبة عواصف وتقلبات الإجازة الطويلة، ونرجع إلى العمل جميعا ننفض غبار الكسل وتراكمات الغياب بنشاط وهمة عالية، ونسأل الله أن يعيدها سنين عديدة وأزمنة مديدة يغمرها حب الوطن الذي كرس كل شيء لخدمة هذا المواطن، حتى إن الوزراء يزرعون ابتسامة الحب والفرح بالعودة للعمل في ظل نعمة الأمن والأمان الذي فقده غيرنا، ولعل هناك سؤالا آخر يُطرح، أليس في هذا إضاعة لوقت المراجعين؟ أقول بالتأكيد، ولا بد من وضع تنظيم لهذه المعايدات والحرص على تقنينها وعدم التوسع فيها، وعلى وزارة الخدمة المدنية أن تضع ما يضبط الوقت، وألا يتجاوز الساعة كاقتراح، وكذلك العمل والعمال حتى لا ترحل ملفات المراجعين إلى اليوم الذي يليه، خصوصا أن الخدمة المدنية لديها دراية تامة بذلك، فهي أيضا تطبق نظام المعايدة في الأعياد والمناسبات، وتدرك خطورة التوسع في ذلك، ومن هنا أدرك بعض المسؤولين الأمر فألغى المعايدة بحجة إضاعة الوقت، واكتفى بالرسائل الهاتفية ورسائل التواصل الاجتماعي، لكن الخوف من أن البعيد عن العين بعيد عن القلب، جعل بعض الموظفين يصرون على الدخول إلى صالونات الوزراء بحجة المعايدة، ومع نهاية الإجازة ونهاية العيد، رسالة شكر للرجال البواسل وأبطال الحد الجنوبي الذين كان عيدهم حمل البندقية والوقوف على ظهر الدبابة مع غروب الشمس وطلوع الفجر، فلهم منا الدعاء بالنصر والإعانة والتمكين ودحر أعداء الملّة، إذ هم ببسالة وشجاعة يسهرون طيلة أيام العيد، ليظل الأمن وارفا، والهدوء يخيم على بيوتنا -بحمد الله- في ظل قيادة أمينة ترعاها عناية الله، حمى الله بلادنا من كل مكروه وعيدك يا وطني بخير.