تشبه ردة الفعل القطرية تجاه مطالب دول الجوار المقاطعة هذه الحكاية من التراث القروي الخالص، هي كما يلي: ظل أصحاب بضع قرى جبلية متجاورة أعواما طويلة وهم لا يصحون سواد كل فجر إلا على قصة سرقة بليل،

إما من المحاصيل الزراعية، أو من المواشي، أو من عدد وعدة الآبار والحقول.

كانوا يتهامسون ويتهامزون شكّاً وريبة عن ضلوع أهل القرية المتوسطة في قلب هذه القرى، لأنهم تحديدا لم يشتكوا وجود سرقة. كان الحياء وحق الجيرة والدم يمنعانهم من توجيه التهمة، وأحيانا يذهب الشيء، فالسارق

يبدأ بالطارف وهؤلاء أهل قرية وسيطة. وكلما ازدادت ثورة الشك في أن أهل تلك القرية هم اللصوص والحرامية علت بعض الأصوات العاقلة التي تقول لهم: لا يمكن أن يسرق هؤلاء وهم أهل الدين الذي جلب «يوسف المروعي» من أقصى أغوار تهامة لتدريس الكتاتيب وإقامة الصلاة وخطبة الجمعة. نسوا في غمرة وجود هذا «المروعي» أن ذات القرية قد أحضرت معه أكبر سارق محترف من بدو الخبت البعيد. خطبة في الظهر وغارة سرقة نصف المساء.

وحين طفح الكيل بأهل القرى كان لا بد من المواجهة، فأرسلوا مناديبهم إلى أهل تلك القرية وقد اكتفوا بإعادة

ولو عشر المسروق في ظرف أسبوع، لكن «الحرامية» لم يجلسوا فيما بينهم وفي قريتهم ولو لاجتماع واحد يناقشون فيه مطالب جيرانهم وما يمكن منها وما لا يمكن، هربوا في ظرف ليل لإقناع القبائل البعيدة جدا بحكاية المظلومية. هذه بالضبط حال القيادة القطرية رغم بلوغ الساعة الأخيرة من المهلة، كل وزير قطري أخذ معه أركان وزارته بالعشرات وذهب إلى عاصمة بعيدة نائية.

ننتظر جواب الدوحة ونحن نعلم أنه لا يوجد فيها غير «تميم»، وهو بالمثل الشعبي «لا يقطع في قيمة شريم»،

ولا أظن حتى إنه بقي معه ولو «ناسخ آلة» ليكتب له بضعة أسطر من الرد.

وزير الخارجية في أميركا منذ أسبوع، وزير الدفاع في أنقرة ينتظر مدفعية إردوغان للشحن، وزير المالية في ألمانيا، وحاكم مصرف قطر في لندن يعالج انهيار الريال القطري.

تخيلوا أن أهم حدث في قطر لما قبل الأمس «الجمعة» هو ندوة عزمي بشارة، سارق قطر، وعن ماذا؟

عن «فوائد مواقع التواصل الاجتماعي» والحضور بطلب من موقع وزارة الداخلية، لم يبق لعزمي إلا تثقيف القطريين عن فوائد البروتين النباتي في الفول.

يا جماعة: اجلسوا في الدوحة ولو لساعة واحدة أو نصف اجتماع ثم ردوا بالرفض المطلق عن كل المطالب، على الأقل حاولوا إخفاء كل السرقات المكشوفة، اعترفوا ولو بسرقة واحدة، فالجيران في غنى عن كل ما سرقتموه،

لا يريدون أكثر من التوبة.