في الركن الغربي من الدار، كان الهواء يحرِّك أغصان أشجار الحناء بكل جمال، منظرُ الحناء في غاية الروعة، أحواض بسيطة تحيط بكل شجرة، لم يمر وقت قصير على سقيها بالماء، عناق بين أصول الحناء والماء لدرجة لا توصف، خرجتْ صفية من عند جارتها، لفَتَ نظرها منظر الحناء، نادتْ بصوت حنون يا فاطمة: الحناء للعيد من عندك، ردّت عليها فاطمة: هذا يوم المنى، وهي في طريقها نحو بيتها تذكرتْ صديقتها الأخرى صالحة، نادتْ بصوت مسموع يا صالحة.. يا صالحة، كانت صالحة تكنس فناء الدار، رمت المكنسة بسرعة وانطلقت نحو النداء، ما بك يا صفية، ابتسمتْ وقالت: حناءُ العيد هذه المرة من بيت فاطمة، تهلل وجه صالحة بالبشر، زينة العيد أضحتْ مضمونة. في اليوم التالي عادت صفية إلى دار الحناء، مرتْ في طريقها وأخذت صالحة، دخلتا الدار، يا فاطمة.. يا فاطمة نحن في الدار، خرجتْ إليهما وقد عرفت سبب المجيء، تحلقن حول شجرة حناء خضراء يافعة، بدأن في خرط أوراق الحناء وهنّ يتبادلن الحوار البريء، عن العيد، وعن الفرحة البريئة القادمة، عن ملابس الصغار، عن طعام العيد، عن الأزواج والأحباب، انتهين من مهمة الحناء، اتفقن على سحق الحناء عند صالحة، فمسحقة الحناء لدى صالحة تجعل الأوراق دقيقة، سحقن الحناء واتفقن على أن تقوم جارتهن ليلى بغمس أرجلهن وتجميل قبضاتهن، ظهر الحناء في غاية الجمال بألوان متدرجة، كانت كل واحدة تسأل جارتها: كيف كان الحناء معك؟ كل واحدة رفعت كفيها في وجه الأخرى ملوحة بتهاني العيد، كنّ جيرانا في رقَّة أوراق الحناء، وجمالا بلون أشجاره.