تُعرف العنصرية بأنها كل تمييز، استثناء، تقييد أو تفضيل وفقا لتعليلات نوع الجنس، أو اللون، أو الأصل، وتختلف نتائجها ودوافعها.
يرى البعض أن أبرز دوافع العنصرية التي نشاهدها في الإعلام عبر تمثيل أحد تلك الفئات بطرق معينة، هو المحافظة على إبقاء الطبقات والمجموعات الضعيفة في أماكنها، أو أن دافعها محاولات إبقاء المسيطر في برجه العاجي، وحول ذلك توجد ملايين الأبحاث والنظريات والرؤى حول التنميط السلبي في الإعلام، بما في ذلك تنميط المرأة وتنميط الرجل وتنميط ذوي الاحتياجات...إلخ.
والصور النمطية العنصرية التي يصنعها الإعلام مهمة، لأنها تحدد للناس كيف يفترض بهم أن يتصرفوا، وما المقبول وغير المقبول منهم.
تناولت في مقالة سابقة تنميط المرأة العربية في الإعلام الغربي، وتنميط المرأة السوداء في إعلامنا المحلي، وكان من الجيد مناقشة الصور النمطية للرجل السعودي في مسلسلات رمضان الذي ودعناه قبل أيام قليلة لعدة أسباب، أهمها: أن هذه الصور النمطية تكررت في كل المحطات، لا سيما السعودية.
ولعل التوجّه التقليدي في مثل هذا السياق، ينظر إلى الرجل السعودي كمشكلة، وأن السعوديين عموما إن غيروا
في أنفسهم بعض الأمور، تُحَل مشكلة تمثيلهم في الإعلام، أما التوجّه العصري الذي ننطلق منه هنا، فينظر إلى الرجل السعوي كوصف شامل لكثير من المشارب والطوائف والتصنيفات، واختلافات السعوديين عن بعضهم، تجعل من الصعب طلاءهم بلون تنميطي واحد، مما يتطلب إعلاما أكثر انفتاحا وتنوعا ووعيا.
هذا بشكل عام، أما لو نظرنا إلى تمثيل الرجل السعودي بشكل خاص، فسنجد أنه في مسلسل «شباب البومب» مثلا، الذي حظي بمشاهدات مليونيه في رمضان، فقد مُثّل الرجل السعودي الشاب في قالبين نمطيين:
1) السعودي مهرجا: الضحك جوهر حياته، والنتيجة السلبية المحتملة لهذه الصورة النمطية، هي تهميشها المطلق لإحساس الرجل وعاطفته وكينونته.
2) السعودي مهيمنا ومسيطرا على المرأة: مثلا في حلقة المبتعث حيث يفرض فيها السعودي وصايته على زميلته السعودية في الجامعة بغير وجه حق.
والتمثيل الذي يبالغ في تهريجه للسعوديين، يحمل انعكاسات مغلوطة وعمومية أخرى عنهم، مثل كونهم عديمي المسؤولية، غير منضبطين، ضارين بالمجتمع!
ولا يقل سوءا عن هذا، تمثيل الرجل السعودي بمظهر المهيمن السلطوي، وربط الرجولة بفرض الوصاية والتحكم في الآخرين.
هناك تمثيلات نمطية سلبية أخرى للرجل السعودي في تلك المسلسلات، أبرزها يرتبط بكبار السنّ السعوديين، وظهورهم المحدود جدا في الأعمال السعودية. وأحد تمثيلاتهم القليلة شوهدت في مسلسل «سناب شاف» الذي عرضته القناة السعودية الأولى.
وقام فيه بدور الثمانيني، ممثل أربعيني «سعيد قريش». متنكرا في لحية بيضاء. وكان الأولى مهنيا التعامل مع
ممثل مسنّ فعلا، ليكون الدور أكثر مصداقية، و«سناب شاف» ليس الوحيد المذنب في هذه الممارسة التنكرية حينما يتعلق الأمر بتمثيل الرجل السعودي كبير السن.
إن تهميش كبار السن أو التنكر في أشكالهم مغالطة كبيرة، ذلك أنها تلغي حضور كبار السن إعلاميا، وبالتالي تعرقل اندماجهم مع الإعلام كمتلقيين. هذا الأمر قد يعزز عزلتهم أو يضعف علاقتهم مع الإعلام الشعبي.
لكن، ربما يكون الأمر الإيجابي الذي اتسمت به هذه الأعمال، هو تضمينها للسعوديين من مناطق متنوعة وصغيرة. هذا العام فقط، تطرق «سناب شاف» للباحة وتطرق «سيلفي» لمنطقة تبوك وخميس مشيط، أما الصور النمطية السلبية السائدة، فكما ذكرنا، ركزت على إظهار السعوديين كمهرجين مضحكين، وكمسيطرين يفرضون وصايتهم على الآخر.
وأخيرا، فقد اتسمت معظم أعمال هذا العام من المسلسلات بتهميش جليّ لكبار السن، أو تمثيلهم بشكل تنكري غير مهني.