ينقل لي الصديق الأثير، ناصر الشهري، مدير تحرير المرحومة «البلاد» أنه طلب من معالي المهندس ماجد الحقيل، وزير الإسكان في لقاء رمضاني بحر الأسبوع الماضي أن يعلن للجمهور وللرأي العام وفاة صندوق
التنمية العقاري وانتهاء مهمته الرسمية.
لو كنت معهم، وقد دعيت للقاء فحالت بين ذلك ظروفي، لطلبت من معالي الوزير أن يعلن الحداد الرسمي على الصندوق وأن ينصب سرادق العزاء. بقاء لوحات وفروع صندوق التنمية العقاري في كل المناطق والمدن مجرد استنزاف للمال العام، وأكبر من هذا مجرد خداع بصري لمئات آلاف الواهمين على طابور الانتظار الطويل.
يجب أن نقول بكل صراحة ووضوح: صندوق التنمية العقاري تحول إلى مجرد وسيط ما بين طالب الإسكان وبين البنوك المحلية. حتى كلمة «وسيط» باتت أكبر من الدور الفعلي الذي يقوم به الصندوق، فهو اليوم لا يفعل شيئاً سوى تزويد المواطن بعناوين البنوك وأيهما أقرب إلى صاحب الطلب من المكان الذي يقف فيه على طاولة موظف الصندوق.
هذه مهمة بسيطة تقوم بها خدمة «خرائط جوجل». صندوق التنمية العقاري لا يقوم هذه الأيام بشيء أكثر مما تفعله خدمات «أوبر» أو «كريم» التي يضغطها المواطن ببضعة أزرار إلكترونية ليذهب معها إلى النقطة التي يريد.
لماذا لا يتعاقد هذا الصندوق العتيد العنيد مع هاتين الخدمتين لنقل المواطن من صالة الصندوق إلى صالون أقرب بنك.
كنت سأقول لمعالي الوزير: ارحموا عزيز قوم ذل، لأن هذا ينطبق تماماً مع وظيفة صندوق التنمية العقاري إن
تبقى لجثة في ثلاجة وظيفة وإلا: فإكرام الميت دفنه. من العبث بمكان أن ينتهي دور هذا الصندوق في مجرد أن يخبر المواطن «كاف» أن البنك الفلاني ولا ابن عمه «العلاني» لن يقرضه لأنه معلق في قائمة «سمة» بتسعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين ريالا، قيمة آخر ثلاثة أقساط لحراثة البنك الزراعي التي لم تسدد، هذه معلومة يعرفها نفس المواطن «كاف» منذ أربع سنين، ويفهمها كل صباح بمجرد نظرة خاطفة لذات الحراثة المرمية في «هنجر» منزله. ليس من اللائق أن يبقى دور صندوق التنمية العقاري مجرد إخبار المواطن «خاء» أن البنك، أي بنك، لن يقرضه لأنه بلغ من العمر مشارف الستين، وهذه مغامرة إقراض من البنوك.
هذه معلومة يعرضها ذات المواطن «خاء» كلما نظر للمرآة خمس مرات على الأقل في اليوم للوضوء. ما هو ذنبه إن ظل على قوائم الانتظار خمسا وعشرين سنة، وحين جاء الدور لم يجد من الصندوق جواباً إلا قياس المسافة المتبقية إلى المقبرة.
تسألوني عن رأيي في فكرة الإسكان؟ شخصياً أرى أنها فكرة عقيمة اشتراكية بليدة لا تفعلها سوى المجتمعات الشمولية المتخلفة.