يعيش العالم اليوم حالة من التطرف الديني والعرقي، لم يشهد لها مثيلا في تاريخ البشرية الحديث، في حالة تشبه إلى حد كبير ما عاشه الإنسان في تاريخه الماضي الموبوء باللا إنسانية والتشتت والهمجية، من نازية عرقية، إلى فاشية أممية، إلى عنصرية جاهلية، ذلك الزمان الذي كان فيه البشر يقتتلون لمجرد اختلافهم في اللون أو في الاعتقاد، وتخيلنا أن المدنية والتطور العلمي والفكري قد جعلاه ماضيا لن يعود أبدا.

اليوم نشهد حالة من عودة تلك الهمجية مجددا لتتصدر إنجازات بني البشر، فمن الإرهاب اللا مؤسسي عبر جماعات العنف السياسي والديني، إلى الإرهاب المؤسسي ومنظمات حزبية، ودول متنمرة تستخدم التخويف والشيطنة على كل من يخالفها، فتارة يوصف المختلف بالإرهابي وتارة بالخائن، وفي أحسن الحالات يحيد بجرة قلم أي مستقبل لذلك الإنسان في حياة كريمة في وطنه.

حالة الخراب هذه لا تخطئها الإحصاءات والأرقام، وإن كان الإعلام الغربي ومثله العربي حتى اليوم يخلطان في التفريق بين ما يوصف بالإرهاب وما يوصف بالإجرام، فإن المتفق عليه هو أن الإرهابي هو كل مجرم يقوم بعملية قتل جماعية أو فردية انطلاقا من قناعاته السياسية أو الفكرية أو العقائدية، وفي حين هناك جماعات تبنت العنف الجسدي في إيصال رسالتها، فإن هناك جماعات تبنت الإرهاب النفسي للتضييق على مواطنين ومقيمين يقطنون بلادهم، وفي كلا الحالتين فإن العنف هو المحرك الأساسي لأفراد وجماعات ترفض الآخر جملة وتفصيلا.

تقول الإحصاءات إنه ومنذ بداية هذا العام وحتى الهجوم الذي وقع صباح الإثنين في مدينة لندن على مصلين كانوا للتو انتهوا من صلاة التراويح بلغت الهجمات الإرهابية حول العالم 580 هجوما، توفي فيها 3945 إنسانا، كان نصيب داعش منها 221 هجوما و1821 قتيل بينما قامت القاعدة بـ26 هجوما راح ضحيتها 242 إنسانا، كما قامت جماعة الشباب الصومالية بـ36 هجوما أوقع 255 قتيلا، في حين أوقعت جماعة بوكو حرام النيجيرية 227 قتيلا من خلال 50 هجوما إرهابيا، بينما أقدم حزب العمال الكردستاني على تنفيذ 9 هجمات إرهابية أوقعت 18 قتيلا، ونفذ طالبان 44 هجوما إرهابيا أوقع 584 قتيلا، بينما تشير الإحصاءات إلى وقوع 177 هجوما إرهابيا أوقع 761 قتيلا لم تحدد جهة المسؤولية فيها، و17 هجوما أوقع 37 قتيلا غير معروف الجهة، هذا كله باستثناء القتل والتشريد الجاري في المناطق التي تسيطر عليها تلك الجماعات.

وفي مقابل الإرهاب الشرق أوسطي والإفريقي فإن هناك 917 جماعة كره متطرفة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، مقسمة على 130 تتبع جماعة KKK المتطرفة، و99 جماعة من النازيين الجدد، و100 جماعة من الوطنيين البيض، و78 من العنصريين حليقي الرؤوس، و21 جماعة ذات هوية مسيحية، و43 من جماعات الكونفدراليين الجدد، و193 من جماعات الانفصاليين السود، و52 من المناهضين للمثليين، و101 من الجماعات المعادية للإسلام، و100 جماعة كره عام.

العالم يوشك على نهاية قريبة، فعندما قال المايا إن العالم سينتهي في ديسمبر 2012 فسر الجميع بنهايته بألارماغيدون، ولكن من الواضح أن تقويمهم لم يكن يتحدث عن نهاية علمها عند الله وحده، بل ربما كان يؤشر بأن العالم سينتهي شكله الذي عهدناه، فلا مكان في حينه لعالم يعيش الإنسان فيه بسلام مع أخيه الإنسان، بل سيعيش في عالم جديد لنظام جديد الإنسان فيه يكره نفسه!