لم يعد نفوذ حزب الله الإرهابي محصوراً في لبنان فقط، بل امتد تدريجياً، فبدأ كمقاومة للاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، ليتمدد إلى بيروت والبقاع، وبعدها بدأ باجتياح مناطق ذات نفوذ مسيحي ودرزي وسني عبر تشكيل ميليشيات تسمى سرايا المقاومة، تم تشكيلها لتكون كالسرطان في خاصرة الطوائف اللبنانية، وقد تم تشكيلها من فقراء المجتمع ليكونوا على استعداد للانقضاض على محيطهم تنفيذاً لمشروع حزب الله في السيطرة التامة على لبنان، تنفيذاً لمشروع ولي إيران السفيه.

مع مرور الوقت والتغيرات التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط تمدد حزب الله من لبنان إلى سورية، ومنها إلى العراق، ليبدأ تحرشاته وتمدده وتحريضه على دول الخليج العربي، وحول هذه الدول التي كان لها الفضل الأول والأخير في إعادة إعمار لبنان، وبالأخص البلدات ذات الأغلبية الشيعية المؤيدة له بعد كافة الحروب والمغامرات التي خاضها، ولم يتوقف عداؤه على التحريض على هذه الدول، بل عمد إلى تسهيل تهريب المخدرات وحبوب الكبتاجون من بيروت إلى هذه الدول في محاولة خبيثة منه لتدمير الشباب والمجتمعات في الخليج العربي، ولكن أجهزة هذه الدول استطاعت السيطرة على هذه العمليات وملاحقة الضالعين فيها.

لم يتوقف حزب الله عند حدود الشرق الأوسط، بل تمدد إلى إفريقيا وجنوب أميركا، حيث بدأ بتدشين مصانع لإنتاج حبوب الكبتاجون والمواد المخدرة وبيعها للحصول على تمويل لتنظيمه الإرهابي بعد شح الدعم الإيراني له، ولم يتوقف الحزب عند هذه التجارات، بل امتد نشاطه إلى التجارة بالنساء على مستويات مختلفة، فقام رجال أعمال مقربون من الحزب بشراء أندية ليلية في إفريقيا وجنوب أميركا وتشغيل النساء في مجال الدعارة والاستفادة منهن في الوصول إلى الشخصيات ذات النفوذ في هذه الدول، وابتزازها والحصول على معلومات استخباراتية تخدم إيران ودول حليفة لها في المنطقة، بالإضافة إلى الحصول على تسهيلات في مجال عملهم الأساسي في تصنيع وترويج الحبوب المخدرة.

أما في الاتحاد الأوروبي، وتحديداً في ألمانيا، فقد نشط حزب الله في تجارات عديدة، أبرزها بيع وشراء وتصدير سيارات إلى لبنان ليتم إدخالها دون المرور على الجمارك في ميناء بيروت الذي يسيطر عليه الحزب لتدخل هذه الشحنات ويتم بيعها وتحصيل ربح خيالي منها ليتم شراء السلاح وتمويل العمليات الإرهابية للحزب في سورية وزيادة بسط السيطرة في لبنان.

إن المطلوب اليوم من دول الخليج العربي بالدرجة الأولى العمل بشكل أسرع على حصار مصادر تمويل الحزب وملاحقة رجال الأعمال المقربين منه، ومن حلفائه كالتيار الوطني الحر الذي يستخدمه الحزب كغطاء له في دول الخليج العربي للحصول على مصادر تمويل مختلفة في عدة مجالات، أبرزها كامنة في مجال الإعلانات والتسويق والتأمين، وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها مؤخراً فقد أكد مقربون من الحزب استخدام التنظيم لأساليب جديدة في الخليج، تعتمد على استخدام مسلمين سنة أو مسيحيين في إدارات بعض الشركات التي تسهم في تمويل الحزب، وتعمل في الخليج لتأمين مصادر جديدة له، مما يعتبر خرقا صريحا لقرارات الدول الخليجية التي هددت بمعاقبة أي متعاون أو متواطئ أو متعاطف مع حزب الله.

لا يكفي حصار حزب الله عبر ملاحقة خلاياه الاقتصادية والتجارية، بل المطلوب أيضاً التقدم خطوة بفرض عقوبات عربية عبر المصارف اللبنانية المتعاونة مع الحزب، والتي يستخدمها التنظيم لصرف رواتب قيادييه ونوابه ووزرائه المشاركين في الحكومة اللبنانية، فلا يمكن تشكيل ضغط على حزب الله بشكل فاعل قبل فرض عقوبات على المصارف والمؤسسات المالية التي يستخدمها التنظيم في تبييض الأموال التي يحصل عليها من عدة تجارات في بيروت أبرزها المخدرات والنساء والابتزاز والخطف والسرقة وبيع السيارات المسروقة من المناطق اللبنانية كقطع غيار أو تصديرها إلى سورية ليتم بيعها هناك لأبناء مسؤولين وشخصيات أمنية هناك.

إن حصار حزب الله اقتصادياً سيشكل صفعة قوية للحزب، تسهم في إضعافه والحد من نفوذه في لبنان وسورية، ويصبح بعد ذلك العمل على نزع سلاحه خطوة أكثر سهولة تعيد التوازن إلى لبنان، وتعيد القوة إلى المؤسسات الأمنية والرسمية هناك، وتعيد هذا الحزب إلى حجمه الطبيعي، وتعيد تنظيم أماكن تواجده ليتم بعدها تحرير المناطق التي استولى عليها جمهوره في الضاحية الجنوبية إلى أصحابها الحقيقيين الذين تم تهجيرهم بعد نزوح آلاف العائلات من الجنوب خلال الاجتياح والاحتلال الإسرائيلي لقراهم وبلداتهم الجنوبية، وكي نسهم بذلك علينا العمل بشكل فاعل على فرض حصار اقتصادي حازم على حزب الله، وإرسال رسالة مفصلة إلى مجلس الأمن عن نشاط التنظيم في تجارات محرمة دولياً، أبرزها المخدرات والاتجار بالبشر، مما يعتبر خرقاً للقانون الدولي، بالإضافة إلى العمل على تمويل التنظيم وعناصر إرهابيين أسهموا في تشريد ومقتل آلاف السوريين والسيطرة على مدنهم وبلداتهم، بالإضافة إلى ارتكاب مجازر ترقى إلى أن يتم العمل على التحقيق بها عبر محكمة الجنايات الدولية، لأن ما فعله في سورية يرقى إلى مستوى جرائم ضد حقوق الإنسان.

وفي النهاية لا يمكن أن نتجاهل التقارير الدولية، وأهمها الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، والذي أصبح مُتاحًا للاطلاع منذ نوفمبر 2008، ويقول الزعيم الروحي لحزب الله بصريح العبارة «إنّ تجارة المخدرات مقبولةٌ أخلاقيًا في حالة بيعها للزنادقة الغربيين كجزء من الحرب ضد أعداء الإسلام»، ولكن بحسب اعتقادي فإن الحزب كثف جهوده لترويجها بين أعداء ولاية الفقيه وإيران الذين اعتبر نصرالله نفسه أنهم أشد خطراً على مشروعه من إسرائيل نفسها، وإن خطاباً له ضد العرب أكثر قدسية من حربه مع إسرائيل عام 2006، فكيف يمكننا تجاهل هذا الحزب، وعدم العمل على وقف نشاطاته التي أسهمت إلى حد كبير في زيادة قوته ونفوذه في لبنان وسورية.