بعد مضي فترة ليست بالقليلة على الحراك الدبلوماسي الذي سمحت به الدول الأربع التي أصدرت بيانها التأكيدي بوجود 59 فردا وعدد من الكيانات التي تدعم الإرهاب في تعاملها مع قطر القيادة، حقائق ووثائق كثيرة خرجت تؤكد وقوف قطر إلى جانب دعم الإرهاب وتمويله -وأؤكد على كلمة تمويله- لأن المبالغ والميزانيات التي تناقلتها بعض الوسائط الإعلامية والإخبارية، تؤكد على أن هناك ميزانيات تصرف على هذا البلد أو ذاك بإشراف الحكومة القطرية، ولعل وسائلنا الإعلامية -مشكورة- قامت بجهد كبير، أبرزت فيه تورط القيادة القطرية بهذا الملف، رغم أن الجهود مبذولة للتراجع وتنفيذ الشروط التي حملها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وعلق عليها وزير خارجيته في عدة تصريحات أعقبت هذه الجولة المكوكية بين جدة والدوحة وعمان والمنامة وأبوظبي، حتى إنك تكاد تجزم أن هناك أمرا بيت بليل لأن تفرزه التصريحات القطرية تجاه هذا الخرق الخليجي الذي أحدثه أمير دولة قطر ينبئ بأن وراء الأكمة ما وراءها، ثم تتساقط الأوراق تباعا يوما بعد يوم، إذا ما الذي يحدث في منظومة الخليج اليوم، وأين دوره، وأين أمانته وجهوده المعهودة في مثل هذه الحالات؟

يؤسفني القول إن قطر قد تجاوزت حدود المصداقية فيما وقعت عليه تباعا في الرياض وجدة، وأمام زعامات الخليج، وكل مرة تقول هذه هي الأخيرة، لكن يبدو أن الملف الحالي تناثرت أوراقه ولم يعد بيد تميم وحده ولا شيخهم الذي علمهم السياسة وفتح لهم مصاريعها مع إيران وحزب الشيطان وأتباعهم، وعضو الكنيست الإسرائيلي وأمثالهم، الملف أصبح الآن مكشوفا على ناصية الطريق يقرؤه الصغير والكبير، حتى إن هناك من كتب بالخط العريض (أليس منكم رجل رشيد؟) نعم لم يعد الملف الآن بيد حكام قطر، بل لقد انتقل إلى الحوزة في قم وطهران ومباركة تركيا، التي هي الأخرى تضع عباءتها على شيخ الإخوان في قطر التي تدللهم وتصرف عليهم ليل نهار، وما خفي كان أعظم، والصورة اليوم أمام الحراك السياسي لاحتواء الأزمة بلا شك، تظهر لنا أن الجهود مبذولة وعلى أعلى مستوى، والحكماء في الخليج قادرون على تجاوزها إن احتاطت الدوحة وتنبهت لما يحاك لها من السقوط في أحضان إيران وجماعة الإخوان الذين أوصلوا المشهد إلى هذا المستوى وقد تابعت كغيري تلك الرسائل التي يطير بها إعلام قطر أنه لا وصاية على قطر، وأنه لا سياسة تحكمها وغير ذلك، مما يُزعم أنه يدافع عن السلطة في قطر وغاب عنهم الحضن الخليجي والوحدة الخليجية التي لمن تنفعها يوما من الأيام أن مدّت يدها إلى طهران أو بيروت أو حشدهم الشعبي وغيرهم، مما سيورد قطر مستقبلا مظلما لن تعالجه -لا قدر الله- فيما بعد إلا أن تجني ثمار غطرستها والتحزب مع إيران وتركيا والجماعات الإرهابية ومن كان تحت سقفهم، ويؤسف كل عاقل أن تكون محطة التحرك الدبلوماسي والسياسي لم تجد آذانا صاغية من حكام قطر أو التردد في اتخاذ موقف ينقذ قطر وأهلها الشعب الأبي، من مستقبل قد يصعب ردمه فيما بعد لو طالت هذه الأزمة، وعلى قطر اليوم أن تعترف بخطئها وأن تراجع سياستها الخارجية وتكف عن دعم الجماعات الإرهابية، وأن تقطع كل طريق يوصلها إلى العبث بأمن الخليج، خاصة جارتها الكبرى المملكة وجارتها الصغرى البحرين، بعدما سقطت أوراق تثبت تورطها في الأحداث الجارية في البلدين، فهل من رشيد في الحكومة القطرية يعي هذا الدرس ويكون على قدر من الكفاءة في الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه، فهو خير من التمادي في الباطل والخوض في غمار الغطرسة التي يمليها شيخهم حمد وينفذها تميم، وتباركها الجماعات المتطرفة التي أقلقت المنطقة، أملي أن أسمع أن الغمة عن أهلنا في قطر الشقيق قد انجلت وعادت قطر للحضن الخليجي وطرد المرتزقة منها.