محمد الفيفي
الديماغوجية، كلمة يونانية مشتقة من «ديموس» وتعني الشعب، و«غوجية» وتعني العمل، أما معناها العام فيعني مجموعة الأساليب الملتوية والمخادعة التي يمارسها البعض «سياسيون - اقتصاديون - اجتماعيون - مقاولون» على المجتمع، وإغراء الأخير ظاهريا بأنهم الأجدر والأحق بالمسؤولية، للوصول إلى مبتغاهم عن طريق العزف على وتر المصالح وخدمة المجتمعات.
وما يعنيني في هذا المقال، هو ما يتعلق بالمقاولين والمتعهدين الذين تتعاقد معهم المؤسسات الخدمية الحكومية لتحقيق هدف الدولة الرئيسي، لإنشاء بنى تحتية خدمة لمواطنيها، وحفظا لحقوقهم.
فتلك الميزانيات الضخمة والهائلة والمعلنة، والتي تم رصدها للمشاريع التنموية تشعرك بالفخر والاعتزاز بأنك تنتمي إلى تراب هذا الوطن، وتجعلك تترقب بشغف، منتظرا ترسيتها على أرض الواقع حسب الخطة الزمنية المعدة لتنفيذها.
ولكن سرعان ما تتبخر تلك الآمال وتتحول إلى حسرة وندامة على الوقت والمال المهدر عليها، عندما تُفاجأ بعبارة تعثر المشروع أو المقاول غير الكفؤ أساسا، أو المتعهد غير المكترث بأكل أموال الناس بالباطل.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، من الواقع الذي أعيشه في محافظة فيفاء بمنطقة جازان تحديدا، ورغم ما يبذله أمير منطقتها وجهوده الملموسة في تحقيق التنمية الشاملة لجميع المحافظات التي لا ينكرها إلا جاحد، نعيش هذا الواقع المرير، وسأستعرض بعضا من تلك المعاناة وليس جميعها -فهي كثيرة إنْ لم تكن جميعها- فقط لتتضح الصورة للقارئ الكريم مواطنا ومسؤولا.
فمشروع المركز الحضري ومبنى البلدية وصالة الاحتفالات بمحافظة فيفاء، كلها مشاريع متعثرة، وبحكم أنني عضو في المجلس البلدي بفيفاء، وبحكم أن المشرف على تلك المشاريع بلديتنا الموقرة، اكتشفت أن الفترة الزمنية التي يفترض لاستلام تلك المشاريع قد انقضت قبل 3 سنوات تقريبا «890 يوما»، ومع الأسف ما زالت تلك المشاريع رسوما هندسية، والملام كما قيل لنا سوء المقاولين، وهذا يدعونا إلى السؤال: كيف تمت ترسية تلك المشاريع على مقاولين ليسوا أكفاء، وما المعايير؟ وكيف يتم السكوت عنهم بهذا الشكل المريب؟ وكيف لا يتم معاقبتهم؟ والكثير الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة.
وقد تجد جزءا من الإجابة عندما تكتشف أن طلاب محافظة فيفاء بأكملها بلا نقل! وتُفاجأ بأن متعهد النقل أحد أعضاء مجلس المنطقة، وحجته عند مطالبة سائقي مركبات النقل بحقوقهم في السنوات الماضية، والذين رفضوا التعاقد معه مرة أخرى، بأنه لم يستلم حقوقه من شركة تطوير، وللأسف لم يكن هذا البند في عقودهم التي أبرمها معهم، وبالتالي حرمان 5 الآف طالب وطالبة من النقل!.
كل ذلك يدعونا إلى إعادة النظر في المعايير والإجراءات المتبعة في ترسية مصالح العباد على من لا يستطيعون الوفاء بما التزموا بتنفيذه من خدمات، أقل ما يقال عنها أساسية في هذه البلاد الطاهرة، ويدعونا إلى أن ندرجهم تحت ما يعنيه مصطلح الديماغوجية الذي ينتهج الكذب والتملق وتشويه الحقائق، على حساب الحقائق والبراهين بامتياز.