منذ عرف الإنسان نفسه وهو يبحث عما يعتقد أنه أهم سر في الحياة، وهو سر الخلود. لا يوجد حضارة ولا دين

إلا ذكر الخلود بطريقة أو بأخرى، ورويت عنه الكثير من القصص والأساطير. ولعلي أبدأ بهذا السؤال: هل يوجد حيوان لا يموت؟ إذا كنت تعتقد أن الإجابة «لا» فأنت مخطئ.

يوجد نوع من أنواع قنديل البحر اسمه «Turritopsis dohrnii» وجد في مياه البحر الأبيض المتوسط وفي بحر اليابان. هو حيوان رخوي يصنف في شعبة اللاسعات. السر الغريب في هذا الحيوان أنه لا يموت! نعم لا يموت! فكلما تقدم به العمر أو أحس بالخطر فإنه يعيد دورة حياته من جديد. لا أريد الخوض في تفاصيل دورة حياته، ولكن بشكل مبسط تبدأ من بيضة، ثم يرقة، ثم قنديل صغير، ثم قنديل ناضج، ثم في عملية تحوّلية مذهلة وغريبة يعود

إلى يرقة مرة أخرى. وهكذا يستمر في التحول ما بين النضج والعودة للبداية. بعبارة أخرى هذا الكائن لا يموت بالأوضاع الطبيعية إلا إذا تعرض لحادث قاتل. هذه المعلومة أذهلت الكثير من العلماء، ولكنّ عالما واحدا فقط استطاع ملاحظة وتسجيل هذه العملية التحوّلية في المختبر أكثر من مرة: وهو الدكتور الياباني Shin Kubota الذي يعمل في جامعة Kyoto اليابانية، وقد ظل يجري أبحاثه على هذا الحيوان لمدة 37 عاما. توصل Kubota لنتائج مذهلة لم يسبقه إليها أحد في هذا المجال. أصبح Kubota محط أنظار كل علماء الأحياء وكل المجلات العلمية المتخصصة وغير المتخصصة. كيف لا وهو من أعاد للإنسان حلمه القديم بالحصول على إكسير الحياة. سيواصل هو وغيره من العلماء الأبحاث حول هذا الحيوان الذي لا يموت، وعن إمكانية الاستفادة منه علميا لإطالة عمر الإنسان.