منذ عرفنا أنفسنا والمجتمعات العربية غارقة في السياسة. وكذلك نحن في دول الخليج نأكل ونشرب ونتنفس سياسة. الكل يحلل، والكل يعرض رأيه، سواء كان صغيرا أم عجوزا، سواء كان متعلما أم غير متعلم. هكذا تربينا وهكذا نشأنا، وهذا من أبسط حقوقنا.
بعد الثورات العربية والإرهاب، دُمّر كثير من الأوطان من حولنا، ولم تبقَ إلا دول الخليج صامدة أمام هذه الفوضى.
هذه الحقيقة استقرت في أذهان الناس، ولا يمكن أن نلومهم. المشكلة التي نواجهها اليوم هي محاكم التفتيش التي يتبناها أفراد ليس لهم أي صفة اعتبارية في الدولة. يستغلون الأحداث لتصفية حساباتهم مع أي مختلف عنهم. هؤلاء المتسلقون لا يميزون «عنوة» بين الحزبيين الذين نعرفهم ونعرف خطرهم، وبين مواطنين ومثقفين يقفون مع الدولة، ولكنهم يختلفون مع «بعض» الإساءات في وسائل الإعلام. أصبح البعض يخشى من هؤلاء المتسلقين حتى في أبسط الأشياء، كأن يتمنى أن تعود المياه إلى مجاريها، وكأن هذه الأمنية جريمة!.
الحزبيون معروفة أهدافهم الخسيسة، وحكومتنا لا تجهلهم، وليست بحاجة إلى فلان وفلان كي يستنطقوا الناس ويصنفوهم بين خائن ومواطن صالح.
هذه المكارثية والتشكيك في مواطنة الناس، والتي يقودها بعض المتسلقين، ستنقلب عليهم غدا، وسيحفظ الناس أسماءهم، كما حفظ العالم كله اسم السيناتور الأميركي جوزيف مكارثي.