تجاهلت أسعار النفط التوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط حيث تبدد أي قلق حقيقي بشأن الإمدادات بفعل الفائض المستمر منذ ثلاث سنوات، لكن إحدى أكبر شركات استشارات الأمن في العالم تقول إن هناك إشارات خطر لا يمكن للسوق تجاهلها.
وقطعت البحرين والسعودية ومصر والإمارات وعدد من الدول الأخرى علاقاتها مع قطر يوم الاثنين متهمة إياها بدعم «الإرهاب» وإيران.
ويأتي نحو ثلث احتياجات العالم اليومية من النفط، والبالغة نحو 97 مليون برميل من الخام، من الشرق الأوسط، ولكن مع اشتعال التوترات هبط السعر إلى أدنى مستوى في شهر دون 49 دولارا للبرميل.
وقطر هي أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم لكنها من أصغر أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي اتفقت في 25 مايو مع 11 من المنتجين من خارجها على تمديد اتفاق لتخفيض إنتاج الخام بواقع 1.8 مليون برميل يوميا إلى نهاية الربع الأول من 2018، سعيا لتقليص فائض عالمي بمليارات البراميل من الخام غير المستخدم.
قالت كونترول ريسكس، وهي شركة استشارات أمنية تغطي قضايا تتراوح بين تقديم المشورة لزبائنها بشأن السياسات الإقليمية وحل قضايا الاختطاف، إنها زادت تقييمها للمخاطر العملياتية والسياسية في قطر.
وقال أليسون وود، وهو أحد مستشاري كونترول ريسكس، إن «وقف قطر لتدفق الغاز... إلى الإمارات سيكون تصعيدا كافيا في الصراع، عند تلك النقطة، سيبدأ القلق في التسلل إلي بوضوح، إذا رأيت تعبئة لقوات سعودية ورأيتها تتوجه صوب الحدود مع قطر فسيكون هذا أمرا آخر مثيرا للقلق. هذان هما المكمنان المحتملان للخطر اللذان أرقبهما».
وزادت التقلبات، وهي مقياس لتوتر المستثمرين في سوق النفط، من المستويات الأدنى في عامين التي سجلتها في يناير. بيد أنها عند 30 بالمئة ما زالت نصف ما كانت عليه في يناير 2016 عندما قطعت السعودية علاقاتها مع إيران.
وقال توم نيلسون مدير المحافظ لدى إنفستك، والذي يساعد في إدارة جزء من أصول الشركة البالغة قيمتها 114 مليار دولار «في 15 عاما، لم أعرف أبدا وقتا كانت توترات الشرق الأوسط غائبة فيه عن أسعار النفط على النحو الذي هي عليه اليوم... الرأي هو بالفعل أن سوق النفط متخمة وستظل متخمة لزمن طويل».
أضاف أنه يعتقد أن المخزونات العالمية ستبدأ في الانخفاض تدريجيا في النصف الثاني من هذا العام.
* عدم استقرار
قال روهان ميرفي، وهو محلل لأسواق الطاقة لدى اليانز جلوبال إنفستورز: بالنسبة لي (الخلاف القطري) يذكرنا بأن الشرق الأوسط ليس مكانا مستقرا... في نهاية المطاف ستكون هناك توترات دائما.
«الجميع يحللون المخاطر المتعلقة بجانب الإمدادات ولا يخشون من مخاطر مكان ما مثل إيران، وأنت تضيف ذلك إلى انخفاض إنتاج ليبيا بدلا من ارتفاعه، وبعد ذلك قد ترى إشارات في 2018 على قلة الاستثمارات في العامين الأخيرين».
وعلى الرغم من أن الطلب العالمي ظل قويا، تواجه سوق النفط صعوبات للعام الثالث على التوالي من مخزونات بالغة الارتفاع يبدو أنها تأبى أن تتقلص على الرغم من أن دولأ من أوبك ومن خارجها مثل روسيا وسلطنة عمان وكازاخستان قلصت إنتاجها.
ويعادل حجم المخزونات البالغ نحو ثلاثة مليارات برميل من النفط في دول العالم الأكثر ثراء حجم الطلب في نحو شهر ويعطي ذلك للمستثمرين فسحة في مواجهة أي تعطل في الإمدادات.
وقال ريتشارد مالينسون المحلل لدى إنرجي أسبكتس للاستشارات «إلى حين تنخفض المخزونات الزائدة بشكل واضح وتقل كثيرا عما هي عليه اليوم، ستظل تلك الحساسية قليلة نسبيا.
«الأمور الجيوسياسية ستكون مهمة لكن من غير المرجح أن تكون الموضوع الأساسي في اهتمامات السوق».