الله عزوجل يقول في كتابه الكريم منبها النساء: «ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض»، أفكر في هذا النص العظيم وأنا أقرأ القصة التي أوردتها أسماء بنت قادة، عن أول لقاء لها بالشيخ يوسف القرضاوي.

شاء الله أن تلقي أسماء كلمة في مؤتمر عظيم في الجزائر، تحدثت فيه عن الصحوة الإسلامية وما قدمته للأمة

في كل مكان، ولقيت كلمتها القوية التي ربما أسهمت فيها جيناتها، فهي حفيدة عبدالقادر الجزائري البطل العظيم، وابنة «أبو الرياضيات» محمد بن قادة، وهي أيضا طالبة الرياضيات، والتي تتحدث ثلاث لغات، كل ذلك أسهم

في أن يغطي حضورها على كل حضور ويدير الأعناق نحوها، ربما بالتقدير، إلا عنقا واحدة التفت نحوها بخطة أخرى لم يتوقعها أحد حتى أسماء نفسها وربيعها العشريني.

في اللقاء الثاني، ذكرها الشيخ وهي وسط زميلاتها بكلمتها وأثنى عليها، ثم غادر ليبدأ مسلسل الرسائل والكتب، والتي كان من بينها رسالة يخبرها فيها أنه صار يسهو في صلاته حين يذكرها، وحديث طويل لا أستطيع أن أنشر شيئا منه.

لقد تعرضت أسماء لحرب عاطفية، استمالت قلبها في الخفاء، دون أن يدرك والدها الذي مات فيما بعد غاضبا عليها ولها، وحزنا على ما فعله صديقه المقرب.

الإيقاع في الحب، والرسائل المخبأة في الكتب الدينية المرسلة من الدوحة إلى الجزائر، على مدى سنوات دون

علم والدي أسماء، ربما يستظرفها البعض، لكنه لا يمكن أن يكون والدا لفتاة.

على كل حال، الأسوأ لم يكن ذلك أبدا، بل بعد ذلك، عندما أصبحت الشابة العشرينية عروسا في بيت شيخ الإخوان في الدوحة، وبدأ أبناؤه وزوجته مسلسل إقصاء واضطهاد، أحال حياة أسماء إلى تعاسة حقيقية، بعيدا عن وطنها، واستمر لسنوات، كان يختفي من حياتها ثم يظهر فجأة ليظهر في إحدى الليالي ويقضي معها مساء كما يقضي الأزواج، ويغادر صباحا لتتلقى أسماء رسالة من أحد من يعملون معه، يسألها إن كانت أسماء بن قادة، فردت نعم، فقال لها، لقد وكّلني الشيخ بتطليقك: أنت طالق.

هكذا تحطمت حياة الفتاة الوحيدة في الدوحة، وبمكالمة هاتفية لم تراع إنسانيتها، تقول أسماء التي رفعت على الشيخ قضية، إنه وقع في خطأ فقهي وقانوني لا يقع فيه طلاب سنة أولى شريعة، فلا تطلق المرأة في طهر

واقعها فيه، وهذا أيضا ما ينص عليه القانون القطري، لكن الشيخ أرسل محاميه الذي قال للقاضي: إذا كانت تعترض على هذا الطلاق بسبب أنه وقع بعد ليلة قضاها معها، فإنه يوكلني اليوم بتطليقها، يا أسماء: اذهبي وأنت طالق.

في كل مرة، لم يستطع الشيخ التسعيني صاحب قصائد وأناشيد الجهاد وقتال الأعداء، وصهر الرؤوس وتفجير الشباب، أن يقف مواجها، ويقول بقوة: أنت طالق.

بعيدا عن هذا كله، تمر بخاطري صورة الشيخ وصياحه وهتافه للجهاد والموت والتفجير، وحث الشباب على الحلم بالحوريات في الآخرة، بينما هو يخطط على حوريات الدنيا الصغيرات، يكتب لهن الأشعار، ويعيش الغراميات مع ابنة صديقه.

أتساءل: كيف تخبر الشباب عن تجار الدين ومرتزقة الكراهية، كيف تحذرهم منهم حتى لا يخسروا دنياهم وأخراهم؟ يا له من سؤال عظيم الإجابة.