برر الشاب الأميركي البالغ من العمر 35 عاما، الأشقر الشعر، الأزرق العينين، المتهم بطعن رجلين حتى الموت وإصابة رجل ثالث عندما حاولوا إيقافه عن توجيه إهانات عنصرية لامرأتين مسلمتين في قطار ضواحي مدينة بورتلاند بولاية أوريجون الأميركية يوم الجمعة الماضي، بأن هدفه إنقاذ أميركا من السود والمسلمين واليهود والمكسيكيين والأجانب، حيث قال أمام محكمة بورتلاند: «ليخرج الأجانب من بلدنا» وأضاف، وهو يصرخ: «تقولون إن ما فعلت إرهاب، أنا أقول إنه بطولة، هل تسمعوني؟ لتموتوا كلكم».
وأقر الشاب الأميركي «جيرمي جوزيف كريستيان» بفعلته وهو شاب يوصف بأنه يميني مسيحي متطرف، كان قد نشر على صفحته على فيسبوك، كثيرا من المنشورات التي تشير إلى أنه يعتنق بعض المعتقدات العنصرية وغيرها من المعتقدات المتطرفة والتي يعبر فيها عن مشاعر معادية للمسلمين، إذ دعا لهدم المساجد في أميركا، وكذلك دعا أيضا إلى إقامة منطقة للبيض فقط، ويبدو كذلك أنه كان متحمسا جدا مع اليمين المتطرف والحركات النازية.
كما يوجد على صفحته مقطع فيديو يظهر فيه خلال مسيرة نظمتها جماعات محافظة وهو يوجه شتائم عرقية وتهديدات للمسلمين واليهود، وحتى من وصفهم بالمسيحيين «الزائفين».
هذه الجريمة البشعة تسلط الأضواء على كثير من التفسيرات أو الدوافع أو المبررات التي تسوق عقب وقوع أي عمل إرهابي، سواء في الساحة العربية والإسلامية أو في الساحة الغربية، بل وتفندها وتبين زيفها وتهافتها وتؤكد أن الإرهاب أساسه فكر عنصري متطرف معاد للحياة، ومنبعه ثقافة الكراهية وليس هناك تفسير لهذا العمل الإجرامي عندنا وعندهم، إلا أن التطرف والإرهاب لا دين لهما، وان أعداء الإنسان والحياة يجمعهم فكر عدواني واحد، بغض النظر عن جنسياتهم أو مللهم أو حتى توجهاتهم السياسية. وفي المقابل نجد أن التسامح سمة في المجتمع الأميركي، بدليل هذه الحادثة وكيف ضحى ثلاثة شباب أميركيين بأرواحهم دفاعا عن المرأتين المسلمتين، القتيل الأول هو الشاب «نامكاي ميش»، الذي لم يمر وقت طويل على تخرجه في كلية ريد، في بورتلاند، والبالغ من العمر 23 عاما. أما القتيل الثاني فكان الجندي السابق في الجيش الأميركي، «ريكي جون بست»، البالغ من العمر 53 عاما. أما الشجاع الثالث فهو الأميركي «ميكاه فلتشر» البالغ من العمر 21 عاما. وفي مشهد لن يتكرر كثيرا تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة لأم القتيل في العزاء وهي تعانق الفتاة المسلمة التي دافع عنها الابن الضحية، وهي تبتسم لها وتمسك بأعلى رأسها، في حين كان وجه الفتاة موشحا بالحزن في المناسبة المؤلمة. حيث صرحت الأم «كان ابني الحبيب الشهيد بطلا، وسيظل بطلا. سيظل نجما لامعا في السماء»، أما نحن فبدل الحديث عن هذه الإنسانية الواسعة للشبان الثلاثة المضحين بأرواحهم للفتيات المسلمات، والتي لا تليق إلا بقلب عُجن بالحب والتسامح، وبدلا من أن نرثيهم بدأنا نصوغ أسئلة تشبهنا، والسؤال الفريد: هل تجوز الرحمة عليهم؟ هل يجوز أن نطلق عليهم وصف شهيد كما أطلقت عليه الأم؟ هل هم مؤمنون أم كفار؟ لينحصر النقاش ضمن دائرة ميتافيزيقية ضيقة صرنا فيها نستعجل الحسابات والحسم الأخروي، هو سؤال مشروع في حد ذاته، وفي ذات الحال يعيد رسم الملامح، ضمن رسم كاريكاتوري للذات وللآخر.