أقدم الآثار الملموسة لوجود حضارة الإنسان الحديث تعود لـ6 أو 7 آلاف سنة. في أغلب هذه الحضارات كان
وما زال الرجل هو المسيطر المهيمن على المرأة. وبعيدا عن بعض الاسثناءات القليلة في بعض المجتمعات وبعض الشعوب، إلا أن المرأة تعيش تحت جلباب الرجل وتحت رحمته. هذه الحقيقة تجعلني أتساءل: هل قدر المرأة هو الخضوع للرجل دائما؟
السياسيون عبر التاريخ استغلوا المرأة وقضاياها لتحقيق أهدافهم، رجال الدين في كل الأديان استغلوا المرأة لتعميق سطوتهم على المجتمعات. حتى الرأسمالية الغربية تطرفت في استغلال المرأة وحولتها إلى مجرد وسيلة للترويج للمنتجات والسلع. ولكن ورغم كل ذلك ما يحصل الآن في بعض الدول المتقدمة، خاصة الإسكندنافية وبعض الدول الآسيوية، في حقوق المرأة والتعامل معها ككيان مستقل وندٍّ مساوٍ للرجل، يعتبر نقلة نوعية في تاريخ البشرية. هذه المرحلة لم تصل لها المرأة منذ آلاف السنين، وقد تعطينا تصورا مختلفا لقراءة المستقبل. لاحظ أن العبيد أيضا عاشوا نفس المعاناة منذ عرف الإنسان نفسه، وكان ضربا من الخيال أن يتم الاعتراف بإنسانيتهم ناهيك عن أن تتم مساواتهم بغيرهم. إذا استمر هذا الحراك الحقوقي العالمي تجاه تصنيف البشر وإقصائهم بناء على جنسهم ولونهم وعرقهم، ستكون لحظات تاريخية في عمر الإنسان. فكل الأحداث التي كنا نعتقد أنها مهمة في تاريخنا البشري ستكون سطحية جدا أمام ما يحدث الآن، لأنها ببساطة لم تتناول جوهر الإنسان كما يتناولها الحراك الحقوقي العالمي الذي نعيشه في هذه الحقبة من التاريخ. المميز في هذا الحراك أنه نابع من الأفراد أنفسهم، هؤلاء الأفراد كانوا مهمشين ومحاربين تحت قمع سلطة الدين والسياسة والمجتمع. وبعد ازدياد مناصريهم والمؤمنين بقضاياهم استطاعوا الضغط على الحكومات والبرلمانات والنقابات لتمرير بعض القوانين التي تدفع بقضاياهم وتدعمها.
فهل يشهد العالم تغيرا كبيرا حول مفهوم الإنسانية، أم أن ما يحدث الآن لا يعدو كونه لحظة متفائلة قد تُقتل وتذوب بين آلاف السنين؟